أثناء نقاشي مع أحد أصدقائي في أحد المقاهي حول جديد التقنية والمنافسة القائمة بين الشركات المطورة للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. قال لي: أريد شراء هاتف ذكي جديد.. فبماذا تنصحني؟ فأجبته بسؤال نصه: لماذا تريد تغيير هاتفك الحالي وشراء واحد جديد، هل من أجل طاقاته وخدماته المتطورة التي تحتاجها أم أنها ليست سوى وجاهة اجتماعية فقط؟ فقال: أريد أن أواكب جديد التكنولوجيا من يحتاج جهازاً اقتصادياً للقراءة فقط يمكنه أن يقتني قارئًا تقليدياً للكتب التي تمثل أسعارها أقل من 25 بالمائة من أسعار الأجهزة اللوحية. بصراحة فاجأني صديقي بهذه الإجابة لمعرفتي به وأنه غير مهتم بالتقنية بشكل كبير، لكنه لم يكن سوى إدمان استهلاكي للأجهزة التقنية فقط. إن اللعبة الإعلامية التي تلعبها الشركات في تسويق منتجاتها الجديدة ذكية جداً، بسبب أن سرعة إنتاج الشركات الكبير للأجهزة التقنية المستهلكة مثل الهواتف والأجهزة اللوحية تؤثر سلباً على المستهلكين خاصة مدمني الأجهزة الحديثة، فكثير من الأفراد يحرصون على اقتناء آخر ما توصَّلت إليه التكنولوجيا الحديثة، لكن المشكلة الحقيقية أن الأجهزة المتوافرة بين أيديهم تكفي لاستخداماتهم بل تفوق حاجتهم الحقيقية بمراحل، ولكن الإدمان على شرائها من أهم سمات الوجاهة الاجتماعية، وذلك بسبب الشحن الهائل والتغطية الإعلامية والرغبة الجامحة في التغيّر والشراء، لكن ما يجهله كثير من المستهلكين أن الشركات عادة لا تطلق جهازاً بكامل تقنياته بل دائما ما تحاول تجزئة هذه التقنيات على الأجهزة المختلفة لتضمن لنفسها استمرارية الشراء بحيث لا تتوقف على بيع جهاز واحد، بل تقوم بإطلاق أجيال مختلفة من الأجهزة لتزيد من شغف المستهلك المصاب بالإدمان الاستهلاكي لتحقق من خلفه أرباحاً قياسية. إن الجزء الأكبر من هذا الإدمان في أيامنا الحالية يتركز في قطاع التقنية ويصيب خاصة في شريحة الشباب، الذين يمكن أن ينفقوا على التقنية أكثر مما ينفقون على أنفسهم ، لكن دون فائدة ملموسة، فطالما أن الجهاز الذي يحمله الإنسان يفوق حاجته الحقيقية، ويفترض أن يكون الجهاز كافياً ولا يحتاج إلى تغييره بجهاز آخر، وعادة ما يكون الاختلاف في التقنية بسيطاً جداً ولا يستدعي تغيير الجهاز، ولكن بحكم الرغبة الشرائية الجامحة يسارع المدمن إلى التخلص من جهازه القديم في سبيل شراء جهاز جديد. فمن يحتاج جهازاً اقتصادياً للقراءة فقط يمكنه أن يقتني قارئا تقليديا للكتب التي تمثل أسعارها أقل من 25 بالمائة من أسعار الأجهزة اللوحية، كذلك هو الحال في الهواتف الذكية الجديدة التي تأتي بشاشات كبيرة الحجم تتجاوز الخمس بوصات والتي قد تغني الكثير من المستخدمين عن اقتناء جهاز لوحي بقياس 7 أو 10 بوصات. وبعد كل هذا أجبته بإجابة بسيطة: اقتن ما يلبي احتياجك، ولا تكن مدمناً استهلاكياً.. Twitter:@Ahmad_Bayouni