هل تستحق الأجهزة التقنية الحديثة هذا الكم من الإنفاق؟ وكم من المستخدمين يستفيد من الطاقة الكامنة في هذه التقنية ومزاياها الكاملة؟ وهل يؤثر ذلك على اقتصاد الفرد؟ أسئلة تختلف الإجابات عنها من شخص لآخر، باختلاف آرائهم ومتطلباتهم، فمنهم من يبحث عن ضالته من خلال التقنية بين جهاز كومبيوتر محمول وهاتف ذكي وجهاز لوحي وغيرها من الأجهزة في تسهيل أداء الأعمال وإنجاز المهام، ومنهم من يبحث عن الرفاهية في اقتناء كل جديد لمواكبة التطور. وحول استخدام الأجهزة الحديثة واقتنائها، قال الخبير التقني عبدالرحمن القحطاني «أصبحت الأجهزة المرافقة للإنسان مثل الجهاز اللوحي والكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي ضرورات لا يمكن الاستغناء عنها باختلاف مزاياها وأدائها، إلا أن البعض يبحث عن كل جديد لاقتنائه دون هدف واضح، ودون الاستفادة من الطاقات الكامنة بالأجهزة». أصبحت الأجهزة المرافقة للإنسان مثل الجهاز اللوحي والكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي ضرورات لا يمكن الاستغناء عنها باختلاف مزاياها وأدائها. وتابع، « مهما تطورت التقنية والخدمات، يبقى الفارق كبيرا بين الضروريات والكماليات، فأجهزة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر سواء كانت مكتبية أو محمولة تعتبر من الضروريات للمستخدمين، على عكس الأجهزة اللوحية في الوقت الحالي التي لا أعتبرها ضرباً من الرفاهية إلا أنها مكمِّلة لسابقاتها، فيقوم المستخدم بالاستفادة منها في السفر وأداء الأعمال البسيطة، وغير المتخصصة مثل التصفح وإرسال البريد الإلكتروني وغيرها» معتبراً أن الكثير من المستخدمين لا يستعملون الأجهزة بكامل طاقاتها « فالمعالجات في الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الحالية كانت تعادل في أدائها معالجات الكومبيوتر خلال السنوات القليلة السابقة». وأضاف:» على سبيل المثال، بعد أن تم إطلاق الأجهزة الذكية الداعمة لخدمات الإنترنت في الأسواق المحلية، فكّر البعض بأنها أجهزة هواتف تقدِّم خدمات المحادثة عِبر التطبيقات المختلفة مثل تطبيق(WhatsApp) فحسب، دون النظر إلى كونها توفِّر خدمات مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و»تويتر» إضافة إلى خدمات استقبال وإرسال البريد الإلكتروني وتصفّح الإنترنت». ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين: إن سرعة إنتاج الشركات للأجهزة المحمولة والتطوّر الكبير في التقنية خاصة في قطاع الأجهزة الإلكترونية المستهلكة يؤثِّر سلبا على المستهلكين خاصة مدمني الأجهزة الحديثة، فكثير من الأفراد والأُسَر تحرص على اقتناء آخر ما توصَّلت إليه التقنية الحديثة ،لكن الأجهزة المتوفِّرة بين أيديهم تكفي لاستخداماتهم بل تفوق حاجتهم الحقيقية، ولكن الإدمان على شراء الأجهزة التقنية بات من أهم سِمات العصر الحديث ،وهذا لا يقتصر فقط على المستهلك في السوق السعودي بل بات منتشرا في جميع دول العالم، ومما يوضِّح ذلك تلك الموجة المحمومة التي تجتاح الأسواق العالمية بعد طرح أو كشف أيٍّ من الأجهزة التقنية الحديثة مثل أي فون 4 اس أو جالكسي اس 3 أو جالكسي نوت، وذلك بسبب الشحن الهائل والتغطية الإعلامية والرغبة الجامحة في التغيّر والشراء في جميع دول العالم، بل أن البعض يضطر للنوم خارج المتاجر من أجل الوقوف في طابور لكي يتمكن من الشراء في صباح اليوم التالي. وأضاف البوعينين: إن جزءًا كبيرا من هذا الإدمان الاستهلاكي يكون في كافة القطاعات الاستهلاكية بالنسبة للفرد إلا أنه في قطاع التقنية يكون ذلك الإدمان هو الأبرز خاصة في شريحة الشباب، وهذا يؤثر سلباً على ميزانية الفرد والأسرة، وقد ينفق البعض على التقنية أكثر ممّا ينفق على نفسه ،وهذا خطأ كبير، لطالما أن الجهاز الذي يحمله الإنسان يفوق حاجته الحقيقية، ويفترض أن يكون الجهاز كافيا ولا يحتاج إلى تغييره بجهاز آخر، وعادةً ما يكون الاختلاف في التقنية بسيطا جدا ولا يستدعي تغيير الجهاز، ولكن بحكم الرغبة الشرائية الجامحة تجد أن المستهلكين يسارعون الى التخلّص من أجهزتهم القديمة لشراء أجهزة أخرى جديدة، والذي يعتبر جزءاً من الإنفاق الاستهلاكي الذي يؤثّر سلباً على ميزانية الفرد والأسرة ،كما يؤثر على الاقتصاد المحلي، بسبب وجود قنوات استثمارية أخرى يمكن الاستفادة منها أو على الأقل توجيه هذه الأموال للادِّخار. وتابع البوعينين « الشركات عادة لا تطلق جهازاً بكامل تقنياتها بل دائما ما تحاول تجزئة هذه التقنيات على الأجهزة المختلفة لتضمن لنفسها استمرارية الشراء بحيث لا تتوقف على بيع جهاز واحد، بل تقوم بإطلاق أجيال مختلفة من الأجهزة، وهذا ينعكس بالخسائر على المستخدم، لكن تُحقِّق من خلفِه الشركات أرباحاً قياسية، فعلى سبيل المثال، فقد حقّق سهم شركة أبل سعرا قياسيا يوم الجمعة الماضي، وكان هذا السعر الأول الذي حققه السهم في تاريخ الشركة بسبب الكشف عن جهاز «أيفون 5» والذي أحدث ربحيَّةً كبيرة للشركة والسهم، والتي أتت من خسائر المستهلكين حتى وإن كانوا مستفيدين من استخدام هذه الأجهزة، ومن يقوم بشراء جهاز معيّن غالباً ما يملك جهازاً مقاربا له أو الجيل السابق منه، وقد يكون في الحقيقة ليس بحاجة إليه في الوقت الحالي، لكن سبب ذلك هو الرغبة في اقتناء آخر ما توصّلت إليه التقنية، أو التأثير من قبل التغطية الإعلامية الكبيرة لهذه المنتجات والتي تدفع المستهلك للشراء، أو أن يكون بسبب الوجاهة الاجتماعية».