في خضم التطور المطرد في بيئات الأعمال وما يصاحبه من تدريب وتأهيل للموظفين على رأس العمل في مجالات الجودة والسلامة والأعمال الإدارية والفنية التي تؤدي لتحسين أدائهم وإنتاجيتهم وسلوكهم خلال ساعات العمل يتبادر للذهن مدى اهتمام ذلك الموظف المهني المحترف بنقل وتبادل مهاراته المكتسبة مع أفراد أسرته وما مدى اهتمام جهات العمل بثقافة ووعي أسرة الموظف والموظفة؟ وهل هذا يصب في دائرة المسؤولية الاجتماعية للجهات التشريعية والتنفيذية في الدولة؟ تساؤلات عديدة نلقي من خلالها الضوء على تأكيد أهمية تطبيق المفاهيم العلمية والإدارية في إدارة الأسرة ومدى أهمية تبادل المعرفة والمهارات المكتسبة نسبة اهتمام الموظفين بتطوير أنفسهم لا تتعدى 46 بالمائة وهذا يتضح من خلال عدم الاكتراث لقياس ما يكتسبه الموظف من معرفة ومهارة بعد إتمامه البرنامج التدريبي. داخل الأسر والمنهجية التي يتم من خلالها ضمان نشر الوعي والثقافة الأسرية. ولقد دأب الباحثون والأكاديميون الإداريون في علم الإدارة على تطوير النظريات والمفاهيم والأساليب القيادية من منظور مهني وعملي صرف، وفي جانب آخر ركز علماء التربية على دراسة التنمية الأسرية من منظور اجتماعي بعيد كل البعد عن ارتباطه بالمفاهيم والأساليب والتطبيقات الإدارية والقيادية ومع ذلك بادرت بعض مؤسسات وقطاعات الأعمال للاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية إدراكا منها بأهمية ودور التنمية الأسرية في نجاح الأعمال ولكنها لم تلتفت للتركيز على تطوير المعرفة والمهارة والسلوك لأفراد أسر الموظفين بل اكتفت بعض مؤسسات الأعمال بتوفير السكن والعلاج الطبي وابتعاث الأبناء المتفوقين وتعيينهم في الوظائف بعد تخرجهم كمزايا تنافسية تختلف من مؤسسة إلى أخرى ولكنهم جميعا يتفقون على أن التدريب والتطوير يتعلق بالموظفين فقط ولم يدركوا أهمية التركيز على توعية وحث ومتابعة الموظفين بأهمية نقل وتبادل المعرفة والمهارات المكتسبة والسلوك لأفراد أسرهم وما له من دور إيجابي في التغلب على المشاكل الأسرية والاجتماعية العديدة والتي لها تأثير سلبي على سلوكيات وتفكير الموظفين وبالتالي ينعكس على تردي أداء أعمالهم وإنتاجيتهم ناهيك عن الوقوع في الحوادث بسبب انشغال تفكيرهم في مشاكلهم الأسرية. ومن هنا تأتي أهمية الالتفات لأسر الموظفين على أنها لا تختلف في مناهجها وتطبيقاتها عن مؤسسات الأعمال، فكما نلتزم بأنظمة السلامة في العمل يجب علينا كمسؤولين في أسرنا الالتزام بقواعد السلامة والصحة العامة وقس على ذلك الأمور المالية من ضبط للموازنة والمصروفات ووضوح الرؤيا والرسالة والأهداف وتطبيقات الجودة الشاملة من منظور أسري والصيانة الدورية للأجهزة والأدوات المنزلية والأسلوب القيادي الذي يشمل التحفيز والاتصال الفعال وإدارة الوقت والتخطيط والتنمية المستدامة والمتابعة من خلال التواصل الأسري كالاجتماعات الخاصة والعامة. وبتبني هذه الأنشطة نكون قد أسسنا توافقا تنظيميا وتناغما سلوكيا بين بيئتي العمل والأسرة وما ينتج عنه من تفكير إيجابي واستعداد نفسي وأداء فعال في كلا البيئتين.فالسلوك الإيجابي وثقافة التعلم داخل الأسر المثالية ينعكس على المجتمع ومكوناته ليتغلب على الكثير من المشاكل كالجرائم والسرقات والحوداث المرورية والطلاق والمخالفات للأنظمة والقوانين والفساد الإداري وغيرها من عوائق التنمية والتطوير ليمتد تأثيره الإيجابي إلى بيئة الأعمال ليحقق الريادة والنمو المستمر.