أوضح الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها ومدير مركز البحوث التربوية أن حياة الإنسان المسلم زاخرةٌ بالأعمال الصالحة، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ، وعملٍ صالحٍ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع. فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ، وصلاة الجمعة، وصيام شهر رمضان، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى، وهناك عبادة الحج وأداء المناسك، وأداء العُمرة، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، إضافةً إلى إخراج الزكاة، والحثُّ على الصدقة والإحسان، والإكثار من التطوع في العبادات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية، إلى غير ذلك من أنواع العبادات، وأضاف قائلا : وهذا حديثٌ عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد في حياة الإنسان المسلم، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص. بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشرة، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم. كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها. فضل الأيام العشرة وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام بقوله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) ، أورد ابن كثير «الأيام المعلومات : أيام العشر»، وأكد ذلك ابن كثير بقوله : «الليالي العشر المراد بها العشر من ذي الحجة، وقال أبو عراد : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم التي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها، وورد ذكر الأيام العشرة من ذي الحجة في أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) منها : «ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر )، قالوا : يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء «، ومنها حديث : « إن العشرَ عشرُ الأضحى، والوترُ يوم عرفة، والشفع يوم النحر « . عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة «، قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ قال « ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب «. خصائص الأيام العشرة للأيام العشرة الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة منها: أقسم الله بها في كتابه، وسماها «الأيام المعلومات» ، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص, والأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها في غيرها؛ وفيها (يوم التروية)، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج، و (يوم عرفة)، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام، وله فضائل عظيمة، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النار، عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : « ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار ، من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ « وفيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة، وفيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وفيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة، الذي يُعد أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : « إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ « أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه وتعالى بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين، وأنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان. العبادات والطاعات المشروعة في الأيام العشر الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (سورة الحج : الآية 28). وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها. كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها . الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى . ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة , والإكثار من الصدقات المادية والمعنوية والصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها: «وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: «يُكفِّر السنة الماضية والباقية» (رواه مسلم). قيام الليل لأنه من العبادات التي تُستثمر في المناسبات على وجه الخصوص. أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحج . زيارة المسجد النبوي في المدينةالمنورة وهي من الأعمال الصالحة المُستحبة الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. ولما يترتب على زيارة المسلم للمسجد النبوي من فرصة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما والسلام عليهم وما في ذلك من الأجر والثواب . التوبة والإنابة إلى الله تعالى طمعاً فيما عند الله سبحانه .