للإصرار عزيمة وللسواعد أيد لا تعرف التعب، وأنامل لم تلمس الحرير، جباه مرفوعة رسم العرق عليها طريقا للشمس، وسيقان حملت أجسادا لم تأنس بالنوم في النهار، تنفست اللقاح واستظلت بالسعف، نسجت من الليف خيوط الأمل. هو المزارع وهي نبضه، النخلة رمز ثقافي عريق يعيش في قلب كل أحسائي. وها هي الأحساء في عرسها الموسمي تحصد ثمرة الأرض , كنز الفقراء وحلوى المساكين , وترف الأغنياء, لذة لا يعرفها سوى من غرسها بدمع ودم , ذلك الفلاح الذي لم نعد نراه إلا نادرا غادر مع الطبيعة التي غادرت واستوطن المدينة المكتظة بزحام الأسمنت والأرقام والبطاقات الممغنطة وشفرات الدخول الإلكترونية , غادرها وسلمها ليد الغريب الذي لم يستوعب قيمتها التي كانت ومازالت وسيلة للبقاء وسبيل عيش ولقمة لا تقبل التنغيص رغم العناء . كل شيء اختلف النخلة والمزارع والتمر , الحجم اختلف واللون والطعم والجودة وكذلك ثقافة تناول التمر اختلفت, فهل ثقافة التغير والاختلاف اقتحمت كل شيء حتى وصلت للنخلة؟ وهل هذا التغير خسارة يدفع ثمنها المزارع أم الأرض أم اقتصاد البلد؟ وإذ تعيش الأحساء موسم الحصاد تكثر مهرجانات التمور ويتنافس التجار في عرض بضاعتهم ويختفي الهدف الثقافي من المهرجان ليسيطر الهدف الربحي والتسويقي وهذا مطلوب ولكن مع ترويج لثقافة التمر , جميل أن نجد البساطة والتلقائية وعفوية الأحاديث المتبادلة بين المزارعين والامتزاج في اللهجات وطريقة العرض ولكنها مقتصرة على فئات معينة، كما أنها تستقطب تجار التمور , لأن حتى الدور الذي تتبناه وزارة التربية والتعليم في المدرسة لتعزيز ثقافة التمر روتيني ولا ينقل الصوت الحي لهذه الثمرة وهذا الرمز وهذا المصدر الكبير للطاقة. فالنخلة مصدر رزق للكثير وأعتقد أن مواسم جني المحصول مواسم غنية بالتفاؤل يجب أن لا تعبر دون أثر .