سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مهرجان تمور الأحساء.. المهم النتيجة الأحساء تتعرض لأكبر كارثة في مستقبل زراعة التمور وهو خطر كبير على المخزون الغذائي للبلد فضلًا عن فكرة صناعة التمور الحديثة
تُنظم جهات حكومية ورجال أعمال هذه الأيام مهرجان تمور الأحساء بعد عدة مواسم انتكس فيها تسويق التمور، وانهارت أسعاره وتعرضت استثمارات النخلة التاريخية للأحسائيين لكارثة كبيرة في الأعوام الماضية، فلو أنّ أحدًا توقّّع سعرًا لانهيار سعر التمور لما وصل لهذا الرقم 400 ريال للطنّ الواحد من الخلاص!! فهل يساوي هذا جلسة الفلاح مَلاّك كان أو كدّاد يرقب دوره من هيئة الري متى يصل الماء كل خمسة عشر يومًا وأحيانًا في أواخر الليل يأتي نصيبه.. وهل يساوي مروره على النخلة وتفقده إيّاها والبطاط والتجنيم (إزالة السعف الزائد وحف جوانب للنخلة وتنظيفها بعناية فائقة وهو تخصص أحسائي) والعَمَار (تسميد النخلة) ثم يترقّب الطلع (خروج رؤوس العذوق الحاملة للثمرة) ثم النبات (التلقيح) ويطلبه ولو من فحّال (ذكر النخل) ساحل العقير.. يمر على الثمرة يرعاها.. تعجب من رعايته لنفسية النخلة وجسمها معًا.. هكذا عشق الأحسائي لتربته ووفائه لعمته.. ولو كان ذلك لا يُجني منه نصف خسائره هكذا جعل الله قلوبنا مع النخلة وبذلك ميّزنا ووصفنا رسول الله وقال قِلال كقِلال هجر. لكن الأحساء أكبر واحة نخيل في العالم لسنين طويلة في الموسوعة البريطانية تتعرض لأكبر كارثة في مستقبل زراعة التمور وهو في ميدان المعرفة الاستراتيجية بما يمثل خطرًا كبيرًا على المخزون الغذائي للبلد فضلًا عن فكرة صناعة التمور الحديثة. إن القضية ليست وليدة هذا الموسم ولها أسباب عديدة تراكمية أدّت إلى اختلال بين العرض والطلب أوصلنا لهذه الكارثة، وكان من أهم أسبابها فقدان قوة السحب الشرائية لهذا المخزون والذي كان ولا يزال بالإمكان أن يُعالج جذريا عن طريق وزارة الزراعة بالتنسيق مع العديد من الوزارات.. كيف ذلك..؟! لقد اعتمدت الدولة في جزءٍ يسير من برنامج الدعم لبرامج الأممالمتحدة الإنسانية على إعادة تدوير الدعم باعتماد شراء منتجات سعودية وكان التمر من ضمنها فأُعتمِد مصنع التمور وحقق نقلة في ذلك الوقت لكن مع الزيادة الطبيعية والخلل الذاتي في تدوير المنتج تراكمت الكميات، وبالمقدور أن تضاعف الكمية والأسعار حاليًا ضعفين وأكثر لشراء كميات إضافية تسحب هذا المخزون وترفع من خلاله الدولة مساهمتها في هذا البرنامج وغيره من مساعدات داخلية وخارجية من خلال دعم هذه السلعة، وفي الإمكان أن يوسّع مصنع التمور وأن يخلص إلى عملية توظيف للشباب الذين كانوا يصطفون لغرض الوظائف الموسمية لتتحول إلى وظائف دائمة. ثانيًا إن هناك إمكانية لتحقيق موارد تسويق أخرى من خلال الصناعات الغذائية التي تتواجد في جهات عديدة في القطاع الرسمي والخاص فتعمل وزارة الزراعة على التنسيق معها لاعتماد مبيعات من تمور الأحساء إليها، هذه المقترحات نجعلها بكل وضوح من مسؤولية وزارة الزراعة والقطاعات المعنية وصولًا إلى دعم القيادة الرشيدة ومتابعة الأهالي والوزارة لدعم زراعة التمور في الأحساء. وهنا لا بد أن أقف وقفة مصارحة مع تجار المنطقة ومسؤوليتهم الذاتية، فمما يُؤسف أن يَدخل التاجر ذو السيولة لإغراق الأسواق بعد استزراعه لمناطق كبيرة بدلًا من أن يُوجِد أسواقًا جديدة لغلّته وغلّة غيره وبخاصة للصناعات الغذائية التي تتطلّب كميات ضخمة لصناعة الحلويات في دول عديدة، فيلجأ البعض إلى السوق المحلي البسيط مستغلًا تلك المساحة لينهار ذلك الفلاح ويخسر رأس ماله، وهناك من تورّط في قضية تسريب التمور الإماراتي حيث تشتري الدولة هناك من مزارعي الشقيقة الإمارات ولا تتسلم منهم دعمًا لهم فتترك لهم غلتهم، وقد قام البعض في عمل اعتبره خياني للأحساء وأدخله على أنه علف لكونه ممنوعا، ثم قام بتسويقه في السوق لينهار السعر كليا، وهذه مسؤولية على الجهات الرسمية للمتابعة والمحاسبة والأهلية للقيام بجهد لمحاصرات تسرب تمور الأعلاف إلى السوق العام، وأؤكد هنا اغتباطنا بنجاح تجربة أبناء القصيم الرائدة في تنظيم سوق التمور وتسويقه، ونتمنى أن تنتقل التجربة للأحساء عبر أبناء القصيم وكذلك الاستفادة من تجربة المدينةالمنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام المقدمة لدى الأحسائيين تقديرًا وتوقيرًا، وندعو لكي توحد مشروعات التسويق عبر الحدود للطلبات الأوربية والآسيوية للإفادة من التمر في الصناعات المتعددة كبديل للسكر المباشر، وتبقى لنا مناشدة عاجلة لمعالي وزير الزراعة بأن يُسارع في تبني هذه الخيارات الاستراتيجية لإنقاذ النخلة عمقنا الزراعي وغذاؤنا الطبيعي. [email protected]