تكبدت بعض الشركات الصناعية والتجارية والخدمية خسائر كبيرة، فاقت في بعضها ضعف رأس مالها؛ لأسباب إدارية ومالية وهيكلية. وكان بالإمكان تدارك ما آلت إليه تلك الشركات من تراجع في الإيرادات والأرباح، لكنها لم تكشف وضعها المالي المتراجع لأسباب غير معروفة. بعض هذه الشركات مررت قوائم مالية مسمومة للحصول على قروض تراكمت عليها وأصبحت صعبة السداد في وقتها. التقارير المالية الموثوقة للشركات تعكس مدى مهنيتها ومصداقيتها في إطلاع الجهات الحكومية المعنية والمؤسسات المالية المقرضة والملاك أو حملة الأسهم على أدائها من خلال القوائم المالية الصريحة والشفافة، بل وتعكس مدى قوة هذه الشركات في النواحي المالية والإدارية والفنية؛ ليعرف المعنيون مدى التزام إداراتها بالمعايير التي تحكم سلوكيات القائمين عليها. وقد شهد مطلع القرن الحادي والعشرين شركة صالت وجالت في مجال الطاقة ما جعل صيتها عالميا، لكن شيئا ما حدث عندما بدأت الشركة في تدليس وتزييف التقارير المالية الخاصة بهيئة الضرائب الأمريكية، حيث كانت تنشر معلومات متناقضة في تقارير الضرائب وتقارير ملاك الأسهم، هذا ما فعلته شركة إنرون للطاقة لتنتهي بالإفلاس قبل حوالي سبع عشرة سنة. تزييف وتدليس الإدارات الفاسدة في بعض الشركات التقارير المالية لأسباب كثيرة منها: الخوف من إطلاع الحكومة والملاك على حقائق سلبية تدينهم، لذلك يصدرون تقارير مالية لا تعكس حقيقتها من حيث الأرباح والإيرادات والمصروفات. تزداد ظاهرة تزييف وتدليس التقارير المالية في حال غياب الأنظمة التي تحوكم ممارساتها ما يضعف نتائجها المالية. الجهات الحكومية ذات الاختصاص التنظيمي والرقابي ضرورة لردعها ومعاقبتها وفق الأنظمة والقوانين. تزييف المعلومات في التقارير المالية لا يتوقف على الشركات في الدول النامية فحسب، بل شمل شركات كبيرة في الدول المتقدمة في ظل المنافسة العالمية ما شجعها على هذه الممارسات. هذه الممارسات غير الأخلاقية ليست ظاهرة منتشرة في الشركات السعودية؛ لعدة أسباب، أهمها: أن الحكومة لا تفرض عليها الضرائب التي تجعلها تبحث عن الطرق الملتوية للتهرب من تحصيل الضرائب. ويساهم الوعي المتواضع للملاك أو حملة الأسهم في عدم تزييف القوائم المالية، وذلك لأنهم يتعاملون مع هذه القوائم بمهنية عالية، لكن هذا لا يشير إلى أن بعض الشركات لا تقوم بتزييف القوائم المالية، خاصة منها الشركات التي ترغب في طرح أسهمها في سوق الأسهم من خلال الاكتتاب بسعر عال الذي غالبا لا يعكس أداءها الحقيقي. وقد مررنا بتجارب اكتتابات شركات سعودية جديدة لم تفصح إداراتها عن القوائم المالية الصحيحة لتبالغ في علاوات الإصدار من غير رقيب أو حسيب. وزارة التجارة والاستثمار مسؤولة عن الشركات وما تصدره من تقارير مالية وإدارية مدلسة، وذلك من حيث نظاميتها وشفافيتها وصحتها. يجب على وزارة التجارة والاستثمار وضع المعايير الرقابية التي تضبط التقارير المالية للشركات، بحيث يكون العقاب رادعا للشركات المخالفة. أما هيئة سوق المال فإنها مطالبة بمراجعة القوائم المالية للشركات الراغبة في إدراج أسهمها للاكتتاب قبل طرحها للمكتتبين؛ حتى لا يتكبد المستثمرون خسائر فادحة. ومن الأهمية أن يكون لدينا هيئة مستقلة عن هيئة سوق المال ووزارة التجارة والاستثمار للتدقيق في القوائم المالية للشركات قبل طرحها للاكتتاب في سوق الأسهم، بل ومراجعتها سنويا بعد الاكتتاب.