التقارير الدقيقة والصحيحة المالية للشركات تعكس مدى مهنيتها ومصداقيتها في إطلاع الملاك وحملة الأسهم على أدائها، من خلال القوائم المالية الصريحة والشفافة، بل وتعكس مدى قوة هذه الشركات في النواحي المالية والإدارية والفنية؛ ليعرف المعنيون مدى التزام إداراتها بالمعايير التي تحكم السلوكيات الإيجابية للقائمين عليها. وقد شهد مطلع القرن الحادي والعشرين شركة عالمية صالت وجالت في مجال الطاقة، ما جعل صيتها يعرف عالمياً، لكن شيئا ما حدث عندما بدأت الشركة في تزييف التقارير المالية الخاصة بهيئة الضرائب الأمريكية، حيث كانت تنشر معلومات متناقضة في تقاريرها؛ للهروب من الضرائب، وكذلك لتضليل ملاك الأسهم في تلك الشركات، هذا ما فعلته شركة انرون للطاقة (Enron Corporation) لتنتهي بالإفلاس في 2003م. تقوم الشركات التي يديرها مفسدون بتزييف التقارير المالية وتدليس الحقائق؛ خوفاً من إطلاع الحكومة والملاك على حقائق غير إيجابية تدينهم وتؤدي إلى إقالتهم، لذلك يصدرون تقارير مالية لا تعكس حقيقة الشركات من حيث الأرباح والإيرادات والمصروفات. الكثير من الشركات حول العالم تمارس تزييف وتزوير وتدليس المعلومات لأهداف كثيرة أهمها تضليل الملاك وحملة الأسهم والجهات الحكومية ذات الاختصاص بجمع الضرائب والحوكمة لحماية مصالح المستثمرين. تزداد ظاهرة تزييف المعلومات المالية في غيات الأنظمة التي تحوكم ممارساتها وغياب أو ضغف الإدارات والإدارات والهيئات الحكومية ذات الاختصاص التنظيمي والرقابي لمعاقبتها وفق الأنظمة والقوانين. تزييف المعلومات في التقارير المالية لا يتوقف على الشركات في الدول النامية فحسب، بل يشمل شركات كبيرة في الدول المتقدمة لأن بريق الربح والإيرادات في ظل المنافسة العالمية يشجعها على هذه الممارسات في غياب الرقابة الفاعلة. هذه الممارسات غير الأخلاقية ليست ظاهرةً في الشركات السعودية؛ لعدة أسباب، أهمها: أن الحكومة لا تفرض عليها الضريبة التي تجعلها تبحث عن الطرق الملتوية للتهرب من الضرائب. أما الوعي المتواضع للملاك وحملة الأسهم فلا يحفز الشركات على تزييف القوائم المالية، حيث لا يناقش حملة الأسهم والملاك هذه القوائم بمهنية عالية تجعل إدارات الشركات في وضع محاسبي يشجعها على تزييف التقارير المالية، لكن هذا لا يشير إلى أن الشركات السعودية لا تقوم بتزييف القوائم المالية، خاصة منها الشركات التي ترغب في طرح أسهمها في سوق الأسهم من خلال الاكتتاب بسعر عال لا يعكس الأداء الحقيقي المتدني. وزارة التجارة والاستثمار مسؤولة في المقام الأول عن أداء الشركات وما تصدره من تقارير مالية وإدارية، وذلك من حيث نظاميتها وشفافيتها وصحتها. يجب على وزارة التجارة والاستثمار وضع المعايير الرقابية الفاعلة التي تضبط التقارير المالية للشركات، بحيث يكون العقاب رادعاً ومناسباً للمخالفة النظامية. ولجذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودية؛ فإنه من الضروري أن تكون القوائم والتقارير المالية صحيحة وشفافة، بحيث تعكس الأداء الفعلي للشركات التي تتداول في السوق.