قد نتفهم أن الإنسان ينسى محفظة النقود أو المفاتيح أو أوراقا رسمية أو ينسى موعدا مهما، ولكن أن ينسى أو يهمل طفل بريء في الحافلة أو السيارة، فهذا أمر جدا مستغرب ومستنكر. وقد تناقلت الأخبار قبل فترة أكثر من واقعة مؤسفة حيث تم نسيان طفل في الحافلة المدرسية وأودت بحياة الطفولة البريئة. وكلما قلنا هو أمر نادر تطالعنا الأخبار بحدث جديد في تكرر مؤلم للمشهد. وهي من الأخطاء البشرية الواضحة في الإهمال أيا كان المسؤول. ولعلنا نتجاوز من ناحية نظرية أنه قد يُنسى أو يُهمل (وهو أيضا أمر غير مبرر) الطفل لمدة ثوان أو دقائق معدودة جدا في حالة الغفلة البشرية، ولكن أن يُنسى من الصباح إلى الظهيرة ولعدة ساعات في الحافلة، فهذا من العجائب والغرائب. ومن المفترض والبديهي أن هناك شخصا سواء كان السائق أو المشرف أو المعلم من يعدد ويتفقد طلاب الفصل يوميا خصوصا أطفال التمهيدي والصفوف الأولية الابتدائية؟ لأنهم قد ينامون سريعا في الحافلة بسبب التعب والسهر، وهم حين يستيقظون قد يصابون بالصدمة ولا يحسنون التصرف. ولذلك المسؤولية تقع على الكل وتبدأ بالسائق والمشرف أو المرافق في الحافلة الذي لابد من أن يعد الطلاب عند الصعود والنزول، ثم يتفقد الكراسي بشكل إلزامي قبل نزوله. وأن يكون المشرف أو السائق آخر شخص ينزل من الحافلة. والحرص هو الشعار الأول في هذه القضايا لتجنب الأخطاء البشرية المفجعة. وأسمحوا أن أنقلكم بعيدا حيث الرحمة والإحساس بالآخرين، فقد جاء في الأثر أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخفف في الصلاة إذا سمع بكاء طفل رحمة بقلب الأم، وكذلك رحمة بالطفل فشتان بين هذا وبين الإهمال الشنيع لبعض الأطفال. ففي الحديث الشريف عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه». ويضاف إلى ذلك أن المسؤولية أيضا تقع على الأسرة والمدرسة في تعليم أطفال خصوصا الذين يذهبون لوحدهم (بدون إخوانهم أو مرافق) كيف يتصرفون حين يجدون أنفسهم وحدهم في الحافلة؟! ونحن نعلم على سبيل المثال أن الأعمال للصناعات الخطرة والأماكن والمباني المهمة والحساسة يحاولون التقليل من الاعتماد على الإنسان من أجل تفادي تلك الأخطاء البشرية باستخدام أفضل التكنلوجيا وروبوت آلي من أجل تقليل الأخطاء إلى حد الصفر تقريبا!، والمحافظة على السلامة والأمن. ومن الحلول باستخدام التكنولوجيا أن يكون في الباصات كاميرات بث مباشرة حيث أصبحت تكلفة الكاميرات رخيصة جدا، وممكن إلزام الحافلات بذلك. وأن تكون منقولة على الويب وصفحة الإنترنت الخاصة بالمدرسة بحيث يمكن الدخول عليها من قبل أولياء الأمور والمعلمين والمشرفين للتأكد من سلامة الأطفال. ومنها أن يكون هناك منبه مثل الجرس أو الصوت يذكر السائق أو المرافق أو المشرف أن يعد الطلاب ويتفقد الحافلة قبل النزول منها. ومن الاقتراحات أن يكون لدى الطفل الصغير ساعة يد أو شريط في المعصم أو أسورة في اليد تحدث صوتا كل خمس دقائق لتنبه السائق أو المرافق في الحافلة على وجود الطفل أو غيرها من أنواع التقنيات. ولن نعجر أو نعدم الحلول إذا وجد الاهتمام والحرص، فالتكنولوجيا جاءت لخدمة الإنسان والأطفال هم أولى بذلك. الأطفال هم نعمة وزهرة الحياة والمحافظة عليهم مسؤولية الجميع من البيت مرورا بالشارع والحافلة إلى المدرسة.