صرخت.. استنجدت .. استغاثت دون جدوى .. حاولت فتح باب «الحافلة» بأناملها الصغيرة دون جدوى .. طرقت فوق هيكلها الحديدى لكن يديها الرقيقتين لم تسعفاها للحصول على النجدة التي تأخرت عنها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة. إنها الطفلة «خولة» ذات الاعوام السبعة والتى شاء قضاء الله ان تقضي وحيدة بين جنبات حافلة موصدة الأبواب والنوافذ في ظل درجة حرارة مرتفعة وسط بكائها الذي لم يتوقف وايضا لم يصل صوتها المخنوق لمسامع احد من المارة .. رحلت خولة أحمد آل محمد حسين الطفلة الوحيدة لأب يعمل معلما وام موظفة في المجال الصحي بعد أن نسيها سائق داخل حافلة المدرسة حتى الموت .. راحت بعد «غفوة» كانت تعتقد انها ستلحق بعدها بطابور الصباح وحصة العلوم، على ان تعود فى نهاية اليوم الدراسي إلى بيتها لتقبلها والدتها وتعدّ لها طعام الغذاء، بينما يستقبلها أبوها فور عودته من عمله بابتسامته وحضنه الدافئ وهو يقول: «وش علموك اليوم في المدرسة « .. «اليوم» زارت منزل عائلة الطفلة «خولة» في جزيرة تاروت بمحافظة القطيف، والتقت والدها احمد آل محمد حسين الذي يعيش فى حالة ذهول مستمرة حزنا على فراق ابنته الوحيدة، وقال والدموع تخنق كلماته: إن طفلته التحقت بالمدرسة الشهر الماضي وأنها كانت تذهب إلى المدرسة يوميا بالحافلة نفسها، مشيرا الى انه تولى توصيلها بنفسه خلال الأسبوع الأول فقط من الدراسة، ويروي والد الطفلة اللحظات الأخيرة التي رأى فيها طفلته التي لقيت حتفها مختنقة داخل حافلة المدرسة التي تقلها من البيت الى المدرسة، ويقول: فى يوم الحادث صعدت خولة إلى الحافلة تحت نظر وسمع والدتها التي ودعتها بقبلة وانتظرت عودتها لتستقبلها في ذلك اليوم كالعادة بقبلة لتسأل عن خربشاتها الطفولية ورسومها إلا أنها لم تعد، وأضاف أن ابنته نامت داخل الحافلة ولم تنزل الى المدرسة في مدينة سيهات مع زميلاتها وظلت في الحافلة بينما توجه السائق بها ليوقفها بالقرب من منزله في حي الدخل المحدود بجزيرة تاروت، وعندما عاد السائق بعد خمس ساعات وجدها مسجاة داخل الحافلة جراء تعرضها للاختناق وتم إعلان وفاتها في المستشفى لتبدأ المأساة في المدرسة وفي منزل الأسرة. كانت الطفلة قد ركبت الحافلة صباح السبت الماضي ولم تجلس كعادتها في المقعد الذي يلي السائق مباشرة، وإنما اتجهت للمقعد الأخير وحين وصول الحافلة إلى المدرسة نزل منها جميع الأطفال إلا هي بعد أن كانت ممددة على المقعد الخلفي ولم ينتبه إليها السائق بعد نزول الأطفال إلا بعد 5 ساعات من الوصول. واتهم والد الطفلة إدارة المدرسة والسائق بالإهمال والتقصير اثر تركها بحافلة المدرسة حتى الموت ونفى أن تكون المدرسة قد اتصلت بالأرقام الخمسة التي تركها لديها للاتصال في حالة الطوارئ أو تعرض الطفلة لأي مكروه، بما في ذلك رقم هاتفه الجوال، مشيرا إلى انه يحمل إدارة المدرسة وسائق الحافلة المسئولية كاملة، نافيا فى الوقت نفسه مزاعم مالك المدرسة بقيام إدارة المدرسة بالاتصال بأهل الطفلة للإبلاغ عن غيابها وان احدا لم يرد على الهاتف، لافتاً إلى أن سائق الحافلة كان يفترض أن يكون لديه كشف بأسماء الطالبات عند الركوب أو الخروج وتفتيش الحافلة بشكل دقيق جداً، مؤكدًا أن التقرير الطبي أثبت أن ابنته توفيت نتيجة بقائها في مكان حار للغاية لمدة طويلة وفارقت الحياة قبل وصولها المستشفى بساعتين. وأوضح أنه راجع شرطة محافظة القطيف صباح الاثنين لإنهاء الإجراءات واستلام جثمان ابنته، الذي لا يزال محفوظاً في ثلاجة مستشفى القطيف لحين انتهاء الاجراءات الرسمية لاستلامه ودفنها في مسقط رأسها بجزيرة تاروت، ومن جانبه ذكر مالك المدرسة الأهلية أن سائق الحافلة المتعاقدة مع المدرسة نسى الطفلة « خولة « منذ الصباح بالحافلة، مشيرًا الى أن السائق فتش الحافلة كعادته يوميا إلا أنه لم ينتبه للطفلة، لافتا إلى دأب إدارة المدرسة الاتصال بذوي الطالبات اللاتي يتغيبن عن المدرسة، وتم الاتصال بذوي الطفلة الفقيدة، لكنهم لم يردوا على الاتصال، واضاف إن إدارة المدرسة اعتبرت الطفلة متغيبة عن المدرسة يوم الحادث، وأضاف إن السائق اكتشف وجود الطفلة داخل الحافلة عند الساعة الحادية عشرة والربع صباحا عند خروج الطالبات من المدرسة الأمر الذي أصابه بحالة انهيار كامل، إلى ذلك حمّل أولياء الأمور سائق الحافلة المسئولية لكونه ارتكب خطأ أدى لوفاة الطفلة مؤكدين ان واجبه يحتم عليه عدم النزول من الحافلة إلا بعد التأكد من خلوها من الطالبات، مشددين على ضرورة إجراء تحقيق شامل لبيان أسباب الحادث وتحديد المتسبب فيه ومحاسبة ومعاقبة المتسبب حتى يهتم القائمون على المدارس أكثر بتأمين حياة الطلاب والطالبات أثناء الذهاب والعودة من وإلى المدارس، وقالوا: إن إدارة المدرسة تتحمل المسؤولية الكاملة عن وفاة الطفلة والسائق لا يعفى أيضا من المسؤولية، وطالب أولياء أمور الطالبات كافة إدارات المدارس بضرورة توفير مشرفين ومشرفات يتولون مهمة توصيل الطلاب والطالبات إلى منازلهم أو مدارسهم على أن يحرص كل مشرف وكل مشرفة للحافلة المدرسية على التأكد من نزول كافة الطلاب والطالبات من الحافلة، كما طالبوا بإجراء تحقيق عاجل مع المدرسة والسائق لكشف ملابسات وقوع الحادث الأليم الذي راحت ضحيته طفلة بريئة، والوقوف على مدى التزام المدرسة بالعمل على توافر الإجراءات والتي من شأنها العمل على ضمان أمن وسلامة طلابها، وكانت مدارس أهلية في محافظة القطيف، تفاعلت مع الحادثة، بإصدار تعميم «عاجل»، إلى السائقين، بضرورة الكشف على الحافلة، والتأكد من إخلاء الباصات من جميع الطلاب والطالبات سواء كان في ذهابهم أوعودتهم من المدرسة حرصًا على عدم تكرار حادث خولة.