«أول ما دخلت الضيفة البيت وجلست، بدأت البنت الصغيرة تدور حولها، قالت الضيفة: إيش تدورين؟!، قالت البنت: أدور وجهك الثاني لأن أمي قالت جت أم وجهين». الغيبة بحد ذاتها خطأ وخطر فهي كأكل لحم أخيك ميتاً، وكم جرّت غيبة لا تستحق لمشاكل تستحق، أما غيبة الأهل والأقارب أمام الأبناء والبنات فهي خطأ أكبر يجب أن نتنبه له ونبتعد عنه لأن دماره على أولادنا قبل غيرهم! فالابن بحديث الأب، والابنة بحديث الأم، عن القريب الفلاني الغبي الذي لا يمكن أن يفهم، والآخر الحسود الذي لا يريد لعائلتنا الخير، والمنافق الذي يظهر عكس ما يُبطن، يقدم للمجتمع أولاداً حاقدين على كل من حولهم، ومضطربي الشخصية فهم يعيشون في تناقض بين ما يرونه -من تعامل والديهم مع أقاربهم - خارج البيت وما يسمعونه داخله، بل قد يصل الأمر إلى حقد على والدهم ووالدتهم، فعندما يكبرون وتنضج عقولهم يتبين لهم أي سوء أوقعهم في والدهم، لقد خسروا أنفسهم ومن حولهم بالظنون السيئة والأفكار الخاطئة، وتظل يد الله دوماً مع الجماعة! كيف نقي أنفسنا وبيوتنا وأولادنا من هذه المشاكل؟ الأول والأساس أن نسعى ألا نختلف مع من حولنا، فأكثر الخلافات الموجودة اليوم هي لأسباب تافهة لا تستحق أن نخاصم ونقاطع من أجلها، ولا يزال التغافل مهما تغير الزمان هو فعل الكرام، وإذا فرضنا وحصل الخلاف لأي أمر من الأمور كما هي طبيعة الحياة، يجب ألا نحمّل الأمور ما لا تحتمل فنعطيها أكبر من حجمها، ونجعل الصغار والصغيرات جزءاً منها، فما ينتظرهم وما ننتظره منهم أكبر من أن نتلاعب بعقولهم وقلوبهم بالأحقاد! أعجبتني قصة سمو لأحد الكبار، فقد وقعت له مع أحد أقاربه خصومة، ولم يعرف الأبناء بهذه الخصومة إلا عندما دعاهم قريبهم لمناسبة، لقد طلب الأب من الأبناء ألا يتخلفوا عن دعوة قريبه، قائلاً: بيني وبينه سوء تفاهم لا أستطيع معه الحضور هذه المرة، ولكن مهما حدث يجب أن تدركوا أنه أبٌ لكم كما أنا!