الأسبوع الماضي شهد زيارات رسمية لسيدي سمو ولي العهد «حفظه الله» لباكستان والهند والصين، انطلاقاً من الحرص على التواصل وتعزيز العلاقات بين المملكة والدول الشقيقة والصديقة في المجالات كافة، وشهدت الزيارات توقيع العديد من الاتفاقيات والشراكات المهمة في عدة مجالات، والتي ستنعكس إيجابياً على جميع الأطراف، وفي هذا المقال سأتطرق لأهمية الشراكة السعودية مع الصين والهند، ولا يعني ذلك التقليل من أهمية الشراكات السعودية مع باكستان. قبل عدة أشهر كنت في زيارة عمل للصين، وقبلها بعدة أشهر كنت في زيارة للهند، وبالرغم من زيارتي التي لم تتجاوز عدة أيام في كلتا الدولتين، إلا أن انبهاري في تقدمهم الاقتصادي وصل لأعلى مستوياته، وخلال زيارتي التقيت عدة أشخاص سعوديين يعملون في الدولتين، منهم من درس وتخرج من جامعاتهم ويتحدث لغتهم كما يتحدث بها المواطنون، ومنهم من يعمل هناك في مشاريع سعودية مشتركة، وباختصار افتخرت بتلك الكوادر الوطنية المؤهلة. إحدى أميز الاتفاقيات من وجهة نظري الشخصية كانت اتفاقية البدء في وضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي في جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات السعودية، ويمثل إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية خطوة مهمة تساهم في زيادة الروابط التجارية والثقافية بين المملكة والصين، وبالرغم من أن البعض استصعب خبر إدراج اللغة الصينية في المناهج التعليمية السعودية، لكن كوجهة نظر شخصية أرى أنها قفزة مهمة للمستقبل، والذي من خلالها سيتاح المجال للدخول بشكل أكبر لعالم الصين العلمي والعالمي من خلال إتقان لغتهم، ولو كنت أملك القرار في تنويع وجهات الابتعاث الدراسي الخارجي للطلبة السعوديين سأقوم بالتركيز على وجهتي «الصين والهند» والتقليل من الوجهات العالمية الأخرى. التقدم الاقتصادي للصين والهند سيكون مذهلاً خلال سنوات قليلة قادمة، وتعتبر الصين والهند من بعض النواحي تهديداً اقتصادياً لدول عديدة، والمقصد هنا عدد الوظائف الغربية التي خسرها الغرب لمصلحة المصانع الصينية والهندية، فواقعياً نجد أن الصين والهند من المراكز الرئيسية للتصنيع في العالم، والتي من المتوقع أن تصل لمرحلة يصعب منافستها لسنوات قادمة، ولنا في التحول الاقتصادي الكبير لتلك الدولتين مثال ثري وتجربة مميزة على المستوى العالمي، خاصة فيما يخص الابتكار والإبداع والتطوير. اليوم وغداً وللمستقبل أرى أهمية كبرى لتعزيز الشراكة الإستراتيجية السعودية باتجاه الشرق وخاصة مع دولتي الصين والهند، وهذه الشراكة الإستراتيجية من المهم أن تتضمن شراكات اقتصادية وتجارية وعلمية، بالإضافة للشراكات السياسية المتينة، وما شاهدناه من خلال زيارة سيدي ولي العهد «حفظه الله» للصين والهند كشف لنا العديد من الفرص التي من المهم استثمارها لتعزيز الشراكة السعودية معهم، والتركيز الواضح الذي شاهدناه على الشراكات الاقتصادية يثبت حكمة القيادة السعودية في بوصلة السياسة والدبلوماسية. المملكة والصين والهند يمتلكون اقتصاداً ضخماً بالإضافة للعديد من أدوات النمو الاستثنائية، وقد يرى البعض مبالغة في كلامي، ولكن الحقيقة التي نراها في الوقت الحالي بأن الشراكات الإستراتيجية السعودية مع الصين والهند ستعزز من الديناميكية لتغيير اقتصاد المنطقة خلال السنوات القادمة، وهذا يعني تعزيزا لتحقيق العديد من مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تم الإعلان عنها، ولذلك نبارك لأنفسنا تلك الشراكات المهمة التي سنرى نتائجها على أرض الواقع خلال الفترة القريبة القادمة. ختاما.. عندما تجد الدول تتنافس لإظهار أفضل ما لديها لاستقبالك، فيحق لك أن تفتخر بدولتك ورجالها ورؤيتها التي ستغير إستراتيجية الاستثمار في المنطقة.