الجولة الآسيوية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد – حفظه الله-عززت التنسيق الاستراتيجي بين المملكة والشركاء الإقليميين من أجل صياغة مستقبل مشترك يساهم بشكل أكبر فى تحقيق النهضة بمختلف أشكالها ، والاستخدام الأمثل للقدرات المشتركة وتعزيز التعاون والنهضة المنشودة بين مختلف الدول ، كأهداف واعدة لرؤية المملكة 2030 ، وتواصل ترجمتها بالإنجاز على أرض الواقع. "البلاد" استطلعت آراء العديد من الخبراء والمحللين حول نتائج هذه الجولة الهامة. فى البداية قال الدكتور أيمن عبد المقصود الخبير الاقتصادي إن جولة ولي العهد ساهمت فى تعزيز التعاون ودعم الشراكات الاستراتيجية تمهيداً لإنجاز عدد من الاتفاقيات مع المملكة في ظل الجهود المبذولة لتقليص اعتماد اقتصاد المملكة على صادرات النفط . واضاف : لقد شملت زيارة ولي العهد التوقيع على حزمة من الاتفاقيات في باكستان لعدد من المشروعات في الطاقة والصناعة تعميقا للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتساهم تلك المشروعات فى بناء شركات عملاقة وتنمية الناتج المحلي غير المعتمد على البترول وخلق أكثر من مليون ونصف مليون فرصة عمل جديدة مع حلول العام 2030 ، وهذا يعكس الحرص على الاستثمار في مجالات الطاقة والتكرير والبتروكيماويات والبنية التحتية والزراعة والمعادن والتعدين والتصنيع والتعليم والصحة بقيمة يمكن أن تتجاوز 100 مليار دولار فى الهند متمثلة فى مشروع مشترك عبارة عن مصفاة النفط والمجمع البتروكيماوي وعدد من الفرص الإستثمارية الأخرى متمثلة فى الاتفاقيات التى تم التوقيع عليها منها برنامج عمل إطاري للتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار بالمملكة واستثمار الهند، ومذكرة تفاهم فى مجال الإسكان بين البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال السياحة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة السياحة الهندية. وتضمنت الاتفاقيات أيضا مذكرة تفاهم فى مجال الاستثمار في الصندوق الوطنى للاستثمار والبنية التحتية الهندية بين حكومتي البلدين، كما تم الإعلان عن انضمام المملكة للتحالف الدولي للطاقة الشمسية، وذلك فى خطوة جديدة نحو سعى المملكة الى بناء شراكة قوية مع الهند سيستفيد منها البلدان ، في ظل العديد من الشراكات القائمة والتعاون الاقتصادي المثمر فى مختلف المجالات خاصة البنية التحتية والتعدين والطاقة بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، ونقل التقنية ومجالات الموارد البشرية الماهرة في تقنية المعلومات، والإلكترونيات، والاتصالات والخدمات اللوجيستية في المدن الصناعية والموانئ بالمملكة ، حيث تعد المملكة وفقا للإحصائيات رابع أكبر شريك تجاري للهند بعد "الصين والولايات المتحدة والإمارات"، وهي مصدر رئيسي للطاقة حيث تستورد الهند نحو 20% من الزيت الخام من الرياض كما أنها ثامن أكبر سوق في العالم للصادرات الهندية، ومن حيث الواردات من السعودية، تحتل الهند المرتبة السابعة وتحتضن المملكة نحو 500 شركة هندية مسجلة في الهيئة العامة للاستثمار السعودية؛ حيث إن الشركات الهندية لديها العديد من المشاريع في البنية التحتية والمترو والغاز وترجم هذا عمليا بأن بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي حوالى 39 مليار دولار. من جانبه قال الدكتور علي عباس الخبير الاقتصادي إن جولات سمو الأمير محمد بن سلمان الخارجية تسهم في تعزيز التعاون الاقتصادى وتحقيق رؤية المملكة 2030 ، وذلك من خلال الجولة الأسيوية التي شملت باكستانوالهندوالصين على الترتيب ، وتدعم هذه الزيارات التواجد الاقتصادى السعودى فى اسيا كما تساعد فى تحقيق رؤية 2030 ، وبدات الزيارة بدولة باكستان التى يوجد منها نحو 2 مليون باكستانى يعملون بمهن متعددة فى السعودية ، فيما سجلت 400 شركة باكستانية تعمل حالياً في السعودية بقيمة استثمارية تصل إلى مليار ريال. ومن ابرز الاتفاقيات الاقتصادية التى تمت مع باكستان مشاركة المملكة داخل ميناء "جوادر"، الواقع جنوب غرب باكستان، ويطل على بحر العرب بالقرب من مضيق هرمز والذي يشهد مرور ثلث نفط العالم من هذا المضيق. وتعتبر مشاركة المملكة داخل ميناء جوادر، كمحطة رئيسية ضمن مشروع الحزام والطريق الضخم،. وتهدف المملكة من ذلك، إلى الاستثمار في البنية التحتية للميناء، وتنفيذ أكبر مصفاة نفط في العالم داخل الميناء بقيمة 10 مليارات دولار، كما تهدف إلى تعزيز العمق الاستراتيجي داخل شبه القارة الهندية ، حيث وقع ولى العهد اتفاقيات اثناء الزيارة ب20 مليار دولار مع باكستان. اما ثانى زيارات سموه ، فشملت دولة الهند التى تعد بلدًا كبيرًا في جنوب آسيا، والمملكة هي رابع أكبر شريك تجاري له، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية ما يقرب من 28 مليار أمريكي، وحوالي 20 في المائة من إمدادات النفط الخام للهند من المملكة وتم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون المشترك ، حيث تم التوقيع على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية بين الجانبين، فيما أُعلن عن انضمام السعودية للتحالف الدولي للطاقة الشمسية. كما التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولى العهد حفظه الله رئيس مجلس إدارة شركة ريلاينس السيد موكيش امباني، واستعرضا الفرص الاستثمارية الواعدة في المجموعة بكافة فروعها، بالإضافة إلى استعراض مجالات الاستثمار في الهند في البترول والغاز، والتقى سمو ولي العهد عددًا من الرؤساء التنفيذيين ومدراء كبرى الشركات الهندية التي استثمر فيها صندوق رؤية سوفت بنك ، وبحث اللقاء، المجالات الاستثمارية المشتركة في إطار صندوق رؤية سوفت بنك، والاستفادة منها في روية المملكة 2030 . الشراكة مع الصين اما اخر زيارات سمو ولى العهد فشملت دولة الصين وتبلغ استثمارات المملكة في الصين، نحو 12 مليار دولار ،كما وصل عدد الشركات السعودية المستثمرة في الاقتصاد الصيني أكثر من 290 شركة، وكانت بداية التعاون بين المملكة والصين ضمن مبادرة الحزام والطريق في نهاية الشهر الماضي، حيث تم تدشين أول مشروعات التعاون السعودي الصيني في مبادرة الحزام والطريق، وهو مشروع مصنع شركة "بان آسيا" الصينية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، وهو باكورة الاستثمار الصيني في هذه المنطقة على وجه التحديد، باستثمار قيمته 1.15 مليار دولار في مرحلته الأولي، على أن يصل إلى 3 مليارات دولار في نهاية هذا العام وتزاول أكثر من 150 شركة صينية نشاطها في المملكة في العديد من القطاعات منها الهندسة، والإنشاءات، والاتصالات، والبنية التحتية. ومن المتوقع أن تستثمر الصين بقوة في مشروع نيوم الذي يمتاز بموقعه الإستراتيجي الذي يتيح للمملكة أن تكون نقطة التقاء تجمع بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، وسوف يكون المشروع إضافة قوية لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، حيث ستركز منطقة "نيوم" على 9 قطاعات استثمارية متخصصة وهي: مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع في عام 2025. وتدعم تلك الاتفاقيات رؤية السعودية 2030. من جهته قال الخبير الاقتصادي علاء المهدى إن جولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولى العهد حفظه الله ، والتى شملت باكستانوالهند وجمهورية الصين الشعبية ، ساهمت فى تعزيز علاقات إقتصادية قوية ومتينة مبنية على قاعدة المصالح المشتركة بين المملكة والدول الأسيوية التى يستهدف زيارتها فى خطوة لتعزيز التعاون الإقتصادى بين المملكة والدول الأسيوية بما يساهم بشكل فعال ومباشر فى تحقيق روؤية المملكة 2030 والتى يسعى من خلالها الى زيادة العائدات غير النفطية للمملكة عن طريق الإستثمار بمشروعات أكثر ربحيه وزيادة معدلات الإستثمارات وصولاً إلى تطوير صناعة السياحة والترفهية وجعل المملكة مقصد سياحى جاذب للسياح من كافة دول العالم . وأضاف المهدى : لقد شهدت الجولة العديد من الإتفاقيات الهامة بكل دولة ولعل أبرز النتائج فى جولة سمو ولى العهد الى دولة باكستان لما لباكستان من أهمية قوية للمملكة حيث تعتبر نقطة تحول فى الاستثمارات السعودية خارج أراضيها وذلك بعد مشاركة المملكة فى مشروع الممر الإقتصادى بين كل من باكستانوالصين والذى بدورة يعزز الشراكة بين المملكة والصينوباكستان من خلال حركة التجارة والإستثمارات السعودية فى ميناء كوادر بباكستان وذلك عن طريق إنشاء اكبر مصفاة للنفط والتى من المنتظر أن تكون اكبر مصفاة للنفط فى أسيا حيث يتميز ميناء كوادر الواقع جنوب غرب باكستان بموقع جغرافى متميز حيث يعتبر محطة رئيسية ضمن مشروع الحزام والذى من خلالة تستهدف المملكة الإستثمار فية بقيمة 10 مليارات دولار فى البنية التحتية للميناء وتنفيذ مصفاة للنفط. ويأتى ذلك الاستثمار الضخم ضمن مجموعة من الإتفاقيات بقيمة 20 مليار دولار فى العديد من مجالات التعاون فى قطاع التكرير والبترو كيماويات والطاقة المتجددة والتعدين والذ تم الإعلان عنها أثناء زيارة ولى العهد والتى تساهم بشكل مباشر فى دعم الاستقرار الإقتصادى لباكستان وتوفير فرص عمل للنهوض بباكستان . كذلك زيارة سموه لدولة الهند ، والتي اسهمت بالفعل في تقوية العلاقات بين البلدين ، وقد أكد ولي العهد ذلك خلال زيارتة الى نيودلهى بأن العلاقات الثنائية التي تربط البلدين قوية،وصداقة قوية وتعاون مشترك فى كافة المجالات وقد أسفرت الزيارة عن إستثمارات بقيمة 100 مليار دولار تتمثل فى مجموعة من الإتفاقيات ومذكرات التفاهم ببرنامج عمل إطارى للتعاون بين الهيئة العامة للإستثمار فى المملكة . وتأتى ثالث جولات سمو ولى العهد الى جمهورية الصين الشعبية لمناقشة سبل التعاون بين البلدين ، وتعتبر المملكة أكبر شريك تجاري للصين في قارة آسيا، وذلك نتيجة التبادل التجارى الهائل بين البلدين حيث وصلت واردت المملكة من الصين إلى 64 مليار دولار وكان من أبرز الصادرات الصينية إلى المملكة الملابس والمنسوجات، وأجهزة التكييف، والمنتجات الميكانيكية والإلكترونية، وعلوم التقنية والفضاء وكان من أبرز واردت المملكة للصين النفط والغاز والمنتجات البتروكيماويات ، حيث تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط من المملكة العربية السعودية . كما يستهدف سمو ولى العهد خلال زيارتة الى الصين فتح آفاق للتعاون مع الشركات العملاقة لإقامة مشاريع استثمارية وتجارية وصناعية عملاقة في مجال النفط والبتروكيماويات والتقنية والتصنيع والطاقة المتجددة والعلوم والفضاء والإسكان ومشاريع البناء التحتية ، وتعد المملكة شريكا أساسيا واستراتيجياً للصين حيث تعد أكبر شريك فى غرب آسيا وشمال إفريقيا وبما تمتلكة المملكة من قدرات كبيرة . واختتم الخبير الاقتصادي حديثه مؤكدا بأن هذه الجولة المهمة أسهمت كثيرا في تعميق دور المملكة وتعزيز مكانتها على الجانبين الإقتصادى والسياسي والذى يسستهدف من خلاله تحقيق روؤية المملكلة العربية السعودية 2030 التى تعتمد بشكل أساسى على تطوير الإقتصاد السعودى وتعزيزه بحزمة من الإستثمارات والمشاريع العملاقة التى من شأنها نقل المملكة الى أعتاب مرحلة إقتصادية جديدة من النمو والإزدهار بعيدا عن الإعتماد التقليدى على النفط لذلك فإن الجولة فتحت للمملكة آفاقاً جديدة على كافة الإصعدة بما يعزز مكانة المملكة.