اتفقت اللجنة السعودية الصينية على إدراج اللغة الصينية في المناهج السعودية للمرحلتين الجامعية والدراسية، حيث تعد الصين ثاني أكبر دولة اقتصاد في العالم ودولة رائدة في مجال الصناعات وموطن المصانع الأميركية والأوروبية ولغتها إحدى اللغات الاكثر طلباً في مجال الأعمال، وتعتبر هذه الخطوة جيدة في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030، ونافذة للتواصل والاستفادة من الشراكات الاستراتيجية مع إحدى أهم الكيانات الاقتصادية العالمية وبناء العلاقات الجيدة معها بما يخدم وطننا واقتصاده وازدهاره حاضراً ومستقبلاً. دلالات كبيرة وأكد اللواء متقاعد محسن الشيعاني -عضو مجلس الشورى- على أن الاتفاقية الموقعة بإقرار تعلم اللغة الصينية له دلالات كبيرة على مدى ما وصلت إليه العلاقات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية مع جمهورية الصين الصديقة، ومدى انعكاس زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، وما حققته من نتائج إيجابية، ومنها توقيع العديد من الاتفاقيات التي تقدر قيمتها بأكثر من 28 ملياراً، مضيفاً أن حجم الاستثمارات الصينية في المملكة، ومنها الاستثمار في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية سيخلق فرص عمل لآلاف الشباب السعودي، وتواجد أعداد كبيرة من المستثمرين والعمالة الصينية في المملكة، مشيراً إلى أنه قد يكون في إقرار تدريس اللغة الصينية ما يصب في مصلحة البلدين الصديقين. وأوضح د. عسيري الأحوس -مدير تعليم جازان- أن إدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي بالمراحل التعليمية يدعم التنمية المستدامة للمملكة، ويثري مدارك الطلاب في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتقنية، مبيناً أن الصين تعد شريكاً استراتيجياً للمرحلة المقبلة، في ظل التوجه والرؤية الصناعية، وأن تعلم هذه اللغة سيمكن أبناء المملكة من الاطلاع على الرصيد الصيني الثقافي والصناعي والاجتماعي. وبيّن ضيف الله الحازمي -مدير تعليم صبيا- أن إدراج اللغة الصينية في مناهج التعليم يعد دعوة للتفاعل مع متغيرات عالمية تتسع باتساع تأثيرها على العالم، مضيفاً أن وزارة التعليم معنية بالتفاعل الإيجابي الذي يخدم خطط المملكة المستقبلية، والتي تعيد بناء الأولويات، ونقاط التركيز في كل الجوانب المختلفة، مبيناً أن تعلم اللغات أمر مهم وملهم كمصدر للمعرفة، واستثمار الفرص الاقتصادية والتعليمية. تحقيق للرؤية وقال د. صالح بن إبراهيم المقاطي -أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة شقراء-: جاء إقرار تدريس اللغة الصينية متوافقاً مع توجه السياسة العليا وتحقيقاً لرؤية 2030 من أجل بناء علاقة اقتصادية قوية مع دولة الصين، مضيفاً أن لهذا القرار أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية يفهمها أهل الاختصاص، مبيناً أن البُعد التربوي لهذا القرار يتجلى في بناء جيل يملك مقومات اللغة الصينية كلغة ثانية حالها كحال اللغة الانجليزية، مع العلم أنه كان قبل إقرار اللغة الانجليزية في مدارس التعليم العام والجامعات توجد اللغة الفرنسية لكنها فشلت في ذلك الوقت، نتيجة لعدم وجود أو ضعف التوجه الاقتصادي آنذاك، بينما الحال الآن يختلف فالبُعد الاقتصادي الآن يفرض على أجيالنا القادمة تعلم اللغة الصينية كلغة ثانية بالبلد، نظراً لأن دولة الصين دولة عظمى ودولة تملك حق الفيتو في المجتمع الدولي وسوقها الحر يفرض علينا التعاون معها من أجل التجارة الحرة مع دولة كهذه، مشيراً إلى أن هذه الخطوة لا تأتي إلاّ من خلال التبادل الثقافي بين البلدين وذلك بامتلاك اللغة الصينية حتى تستطيع الأجيال القادمة التعامل مع الشعب الصيني ثقافياً واجتماعياً، ويصبح هناك تبادل تجاري بين البلدين. ستة إجراءات وأوضح د. المقاطي أن وزارة التعليم مطالبة بعدة إجراءات ينبغي أن تبادر بها لتحقق رؤية 2030 ومنها ما يلي: أولاً: عقد شراكة مع وزارة التعليم الصينية في تدريس اللغة الصينية بمدارس التعليم العام والجامعي، وفي المقابل عقد شراكة أيضاً في تعليم اللغة العربية مع دولة الصين، وثانياً: أن تعمل وزارة التعليم على تعديل الخطط الدراسية لإدخال اللغة الصينية في التعليم العام والتعليم الجامعي كلغة ثانية، وثالثاً: ينبغي على وزارة التعليم التفكير بجدية في اختيار المرحلة الدراسية المناسبة لإنطلاق هذه اللغة في مدارسها، ومن المهم الاستفادة من تجاربها السابقة في تعليم اللغة الانجليزية، ورابعاً: ابتعاث طلاب لدراسة اللغة الصينية ومن ثم العودة للبلد لتدريس اللغة الصينية بالمدارس، وهذه تقتضي وضع خطة طويلة الأجل وأخرى قصيرة لسد العجز الذي سيطرأ على المدارس في تخصص تدريس اللغة الصينية، وخامساً: وكحل آني مؤقت هو فتح المجال للخريجين "البكالوريوس" من جميع التخصصات الذين ينتظرون التوظيف بالتعليم العام في تخصصاتهم للحصول على دبلوم لمدة عام في اللغة الصينية لسد العجز الذي سيطرأ، ويتم تعيينهم على المستوى الخامس على الدرجة الثانية مقابل شهادة الدبلوم، وسادساً: قد ترى وزارة التعليم أن تجعل الخيار في المرحلة الثانوية في اختيار إحدى اللغتين الانجليزية أو الصينية في تعلمها من الصف الأول الثانوي، شاكراً القيادة الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الذي يقود البلاد بحزم وولي عهده الأمين محمد بن سلمان ورؤيته الثاقبة للحفاظ على مقدرات وأمن هذه البلاد. مفتاح التعامل وتحدث د. رائد كردي -مستشار تربوي- قائلاً: إن الحديث عن لغة جديدة أيّما كانت واعتمادها داخل نظام التعليم الرسمي لدى أي دولة سيكون مبنياً على توجهات عدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ لأن اللغات هي مفاتيح التعامل على كافة الأصعدة، ورغم أن الظاهر من خلال اعتماد اللغة الصينية كمنهج فعّال داخل أروقة التعليم أنه مبني على توجه سياسي يدعم العلاقات بين الدولتين، إلاّ أن حقيقة هذا القرار يحمل أبعاداً أخرى تعزز المجال المعرفي الداعم للقوى العاملة والموارد البشرية والمعزز للخطط التنموية الاقتصادية، مضيفاً أن الصين دولة ذات عمق ثقافي متأصل يحمل مشارب عديدة في فنون الحياة المختلفة، على رأسها الطب والهندسة والعلوم التقنية الدقيقة والعلوم التطبيقية المختلفة، ورغم يقيننا أن اللغة الإنجليزية قد تدعم هذه التوجهات جميعاً إلاّ أن التوجه للاستقاء العلمي والمعرفي من جهة بعينها يتطلب إلماماً شاسعاً باللغة الأم لهذه الجهة، مضيفاً أن الحضارة الصينية العريقة تحمل أبعاداً فكرية حوت في طياتها الحكمة الإنسانية، وعبر السنين أثبتت هذه الثقافة أنها قادرة على بناء الإنسان المنتج المثابر، ولعل المطلع على النقلات الاقتصادية والقوة العظمى التي استطاعت بها الصين أن تكون في مصاف الدول المؤثرة ذات السيادة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي زرعت في الفرد الصيني هناك أنه أحد عوامل التغيير في معادلات التحديات البشرية، فتفوّقت الصين في مجال البناء المدني والعسكري والصناعي من خلال التمكين، مبيناً أن تبني مثل هذه الثقافة في الوقت الحالي تحديداً يعد نجاحاً مقنناً لمحاكاة هذه التجربة الناجحة، لاسيما وأن وطننا الغالي يملك كل مقومات التفوق من حيث مكانته بين الدول، وكذلك من حيث المكونات الفكرية لدى مواطنيه، والذين أثبتوا جدارتهم في تفعيل وتنفيذ الخطط التنموية بعيدة المدى. تبادل ثقافات وأشار د. كردي إلى أن السعي نحو الاستقلالية وتحقيق الأمن العسكري والصناعي والغذائي هو حق أصيل لكل الشعوب، كما أننا لن نغفل أن مثل هذا الانفتاح لن يكون مكسباً لطرف واحد فقط، بل هو صناعة لعملية تبادل الثقافات ونشر بصمة التأثير الشعبي للملكة العربية السعودية، فهو تعزيز آخر لتلاقح المعرفة، خاصةً وأننا على يقين وثقة عليا بأن في لغتنا وثقافتنا العربية والإسلامية والتي نشأنا عليها كنوزاً إنسانية شتى تستحق الانتشار والعناية، وتحقق مبادئ الدعوة الإسلامية وتتيح لنا التعامل أيضاً مع الأقليات الإسلامية في الصين الصديقة بشكل يعكس الصورة الناصعة لتعاليم ديننا الحنيف، ذاكراً أنه قد تكون المسؤولية المترتبة على وزارة التعليم وكافة الجهات المعنية الأخرى ليست باليسيرة، لكنها لاشك ستحمل معها تحقيقاً لأهداف بعيدة المدى، موضحاً أننا مطالبون بأن نقدم لحكومتنا الرشيدة وعلى رأسها مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهم الله- أسمى باقات الشكر والعرفان على ما يبذلونه من جهد وعناية بوطننا العظيم، ونسأل الله لهم التوفيق والسداد. إدخال اللغة الصينية ضمن مقررات التعليم يأتي تحقيقاً لرؤية 2030 ضيف الله الحازمي د. عسيري الأحوس د. رائد كردي د. صالح المقاطي محسن الشيعاني