ثمة اقتصاد جديد يتطور بسرعة وعلى نطاق واسع هو اقتصاد المعرفة، وتتوسع خصائصه ومبادئه في مواجهة الاقتصاد التقليدي، فإذا كان الاقتصاد هو العلم، الذي يدرس الخيارات في عالم الندرة فإن اقتصاد المعرفة هو اقتصاد الوفرة، خاصة في ظل التكنولوجيا الرقمية والإنترنت. فمبدأ الندرة يرتكز على الماديات وما يمكن أن يكون في حكمها ولكن المعرفة سلعة لا تستهلك، بل تتولد ذاتياً بالاستهلاك ومبدأ الوفرة هو الشكل الأكثر بروزاً في اقتصاد المعرفة. ولقد أصبح اقتصاد المعرفة، الذي يعتمد على الأفكار المبتكرة للعاملين في مجال التكنولوجيا وسيلة لجمع الثروات الطائلة وهذا ما جعل بعض الشركات والمؤسسات العالمية مثل (مايكروسوفت، آبل، هواوي، جوجل...)، وغيرها تتوجه نحوه لتحقيق مكاسب ضخمة من خلاله ووصف العاملون في هذا المجال بالرأسماليين الجدد. ويمكن تعريف هذا الاقتصاد في سياق المفهوم الواسع للمعرفة بأنه: الاقتصاد الذي ينشئ الثروة من خلال عمليات المعرفة (الإنشاء، التحسين، التقاسم، التعلم، التطبيق والاستخدام لكل أشكال المعرفة) في القطاعات المختلفة بالاعتماد على الأصول البشرية ووفق خصائص وقواعد جديدة، ويعطي مستهلكي الخدمة خيارات واسعة ويقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وإنتاجها في جميع المجالات ويحقق التبادل الإلكتروني، كما أنه يغير الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة ويرغم المؤسسات على التجديد والإبداع والاستجابة لاحتياجات المستهلك. ويتطلب التوجه نحو اقتصاد المعرفة العديد من الإجراءات من أهمها: 1- إعادة هيكلة الإنفاق العام وترشيده وإجراء زيادة حاسمة في الإنفاق المخصص لتعزيز المعرفة مع توجيه الاهتمام لمراكز البحث العلمي. 2- العمل على خلق وتطوير رأس المال البشري بنوعية عالية. 3- إدراك المستثمرين والشركات لأهمية اقتصاد المعرفة بحيث تساهم في تعليم العاملين ورفع مستوى تدريبهم ليكونوا قادرين على التواصل والإبداع وحل المشكلات واتخاذ القرارات وليتمتعوا بالمرونة والقدرة على التحول من مهنة لأخرى وليتقنوا استخدام التكنولوجيا الحديثة بأنواعها المختلفة. لقد أصبح اليوم تحقيق الميزة التنافسية يعتمد على التطبيقات الناجحة للمعرفة، فالأوجه غير الملموسة للمعرفة أصبحت تحدد وتعرف خصائص النشاطات الاقتصادية.