يشهد عام 2018م وما سيليه تحديات كبيرة تواجه المنظمات، منها المتغيّرات المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي غيّرت مفاهيم الزمان والمكان، وأصبحت المنظمات صغيرها وكبيرها في ميدان المنافسة، شاءت أم أبت، كما أصبح لزامًا عليها مواكبة هذه التطورات ومواجهة تحدي المنافسة من أجل البقاء، فتبلورت فكرة التركيز على الموارد المعرفية كمورد يتميّز بأنه لا يخضع لقانون تناقص الغلة ولا يعاني من النُدرة، ويمكن استخدامه في توليد وتطوير الأفكار الجديدة لحرص المنظمات على إضافة قيمة عالية لأعمالها من خلال الحصول على مخرجات إبداع مختلفة، كطرح المنتجات الجديدة، وتحسين جودة العمليات بما يعزز الموقف التنافسي لها، حيث يُعدّ الإبداع وتقديم المبتكرات باستمرار العنصر الأساسي في نجاح منظمات هذا القرن، ولأن اقتصاد المعرفة جديد ويتطور بسرعة، وعلى نطاق واسع، وتتوسع خصائصه ومبادئه في مواجهة الاقتصاد التقليدي الذي يدرس الخيارات في عالم النُدرة، برز اقتصاد المعرفة لأنه اقتصاد الوفرة، خاصة في ظل التكنولوجيا الرقمية والإنترنت، فمبدأ الندرة يرتكز على الماديات، ولكن المعرفة سلعة لا تستهلك بل تتولد ذاتيًا بالاستهلاك (أي عند نقلها إلى الآخرين)، ومبدأ الوفرة هو الشكل الأكثر بروزًا في اقتصاد المعرفة، وأصبح اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على الأفكار المبتكرة للعاملين في مجال التكنولوجيا وسيلة لجمع الثروات الطائلة، وهذا ما جعل بعض الشركات والمؤسسات العالمية مثل (مايكروسوفت، أمازون...) وغيرها تتوجّه نحوه لتحقيق مكاسب ضخمة، ويعطي مستهلكي الخدمة خيارات واسعة، ويقوم على نشر المعرفة وتوظيفها وإنتاجها في جميع المجالات، ويحقق التبادل الإلكتروني، كما أنه يغيّر الوظائف القديمة ويستحدث وظائف جديدة، ويرغم المؤسسات على التجديد والإبداع والاستجابة لاحتياجات المستهلك، ويتطلب التوجّه نحو اقتصاد المعرفة العديد من الإجراءات من أهمها إعادة هيكلة الإنفاق العام وترشيده، وإجراء زيادة حاسمة في الإنفاق المخصص لتعزيز المعرفة مع توجيه الاهتمام لمراكز البحث العلمي، والعمل على خلق وتطوير رأس المال البشري بنوعية عالية، وهو ضد القوالب الجامدة، وضد النماذج النمطية في الاقتصاد، لذا فهو يتمتع بمجموعة من الخصائص مثل العولمة، فلم يعُد سوق العمل محصورًا داخل بلد بعينه، والتكيّف الموسّع لموافقة رغبات الزبائن، والتركيز على خدمة المستهلك؛ لأن التنافس العالمي والإنترنت وتحرير التجارة وزيادة إمكانية الوصول للمعلومات، وتعدد الموزعين، كلها عوامل وضعت قوة كبيرة بيد المستهلكين بعد أن كان قطاع الأعمال هو الذي يضع قواعد اللعبة، أصبح الآن المستهلكون هم أصحاب القرار والرأي، ولا توجد تقنية تدفع نحو ثورة الخدمة الذاتية مثل الشبكة العنكبوتية وتقنية الذكاء الاصطناعي التي توفر بيئة يستطيع فيها المستهلكون مساعدة أنفسهم بفاعلية أكبر، وسيتعزز هذا في المستقبل مع الارتفاع الكبير في تطبيقات الخدمة الذاتية من خلال الشبكة العنكبوتية، ويتوقع المراقبون أن يصل حجم التجارة الإلكترونية إلى تريليون دولار في السنوات الأربع أو الخمس القادمة. فالمعرفة جوهر التفكير الإبداعي؛ لذا أصبح اليوم تحقيق الميزة التنافسية يعتمد على التطبيقات الناجحة للمعرفة.