لا تدرك العالم من خلال حواسك، بل تصنعه بحواسك، وهي تعمل على غربلة 99.999999 مما يمكن إدراكه ولا تسمح لك إلا برؤية ما يتفق مع قناعاتك الراسخة، وكما يحتوي التلفاز على جميع البرامج فأنت كذلك تتضمن حالات الواقع كلها، وليس عليك إلا أن تغير القناة لتستقبل شيئا مختلفا، ويعني هذا أنك عندما تحرر قناعاتك المقيدة سيتغير كل شيء. قد يبدو محيطك في البداية كما هو، مما يجعلك تعتقد بأنه لم يحدث شيء وما زلت في الوضع نفسه، ولكنك ستدرك رويدا رويدا أنك دخلت في بعد حياة جديدة سيتبدى لك تجاوبها شيئا فشيئا حتى إذا بدا لك الأمر ثابتا، وستجذب هويتك الجديدة تلقائيا سيناريوهات أخرى وخلفيات وأماكن أفضل. نحن نميل دوما لموافقة ما يدعم معتقداتنا الراسخة، وندافع عنه ونبحث عنه، ونتجاهل كل ما يناقض معتقداتنا ونكذبه ونسيء تفسيره، وربما تتذكر حكايات كولمبوس والعديد غيرها، وكيف أن القبائل البدائية لم تدرك الأدوات التي وصل بها الأوروبيون لمنطقتهم، ولم تر السفينة التي حملت المستكشفين لأراضيهم، لأن خلفياتهم الذهنية لم تستقبلها ولم تدرك أبعادها ولذلك قامت باستبعاد رؤيتها. ما دمت ترشح الأحداث بنفس الأسلوب وتتفاعل مع المواقف بالطريقة نفسها فستستمر الأمور كما هي، ولذلك احرص على التفاعل بشكل مختلف، وعلى الحكمة في انتقاء ما تنظر إليه عيناك، واعمل على صناعة الألفة بينك وبينه حتى لا يبقى شك أو قلق، وما تريده لا يأتي إليك بل يأتي منك. في هذه اللحظة ابدأ بتغيير استجاباتك، ويمكن إحداث أعمق التغييرات أثناء وقوع حدث غير مرغوب، فهذه الأحداث فرصة جيدة لإحداث التغير في واقعك، والسؤال دائما هو، «كيف يمكنني التصرف بردة فعل جديدة نحو هذا الحدث؟». مع جميع الافتراضات المسبقة التي كونتها عن طبيعة الحياة فسيكون من الصعوبة بمكان أن تتعلم شيئا جديدا أو تختبر روعة اللانهائية، مما سيتسبب في جمود طرق رؤيتك للأشياء، وإن اتساع الإدراك بمعناه الأصلي يعني رؤية أمر ما من زوايا متعددة، الشعور به واختباره بشكل جديد لم تقم به من قبل، مما يدعم الانفتاح الذهني الذي يميز الإنسان الناضج روحيا، ولذلك انطلق وابدأ بطرح الأسئلة واكتسب وجهات نظر متنوعة، وتيقن أن الأمور ليست سيئة بذاتها بل تعكس ما تعتقده بداخلك، ولن تبتسم المرآة قبل أن تبتسم لها، ولذلك لن تتغير الظروف قبل أن تجدد منظورك.