المباني الطينية التي تعبر عن تراث الأحساء المعماري تنتشر في مدينتي الهفوف والمبرز وقرى كثيرة تحيط بالمحافظة من كل جهة، غير أن الأعمال الفنية من نقوش وقوالب جصية كانت مرتبطة أكثر بالمباني الطينية في المدن، وبالذات المباني الرسمية والعوائل الميسورة، حيث اهتم أصحابها بالنواحي الجمالية في العمارة. وأكد الباحث في التراث العمراني سعيد عبدالله الوايل، أن الزخارف الجصية تمثل إبداعات الحرفيين الأحسائيين أنفسهم، مع ما تحمله من موروثات تاريخية وتأثيرات حضارية يمكن أن نلحظها، وتختلف مستويات الخبرة ودرجة الإتقان في الأعمال الجصية المنفذة. » حفظ التراث وأوضح الوايل أنه لم تعد عملية الحفاظ على التراث العمراني وصونه ترفا أو من القضايا الثانوية، بل أصبحت تندرج تحت منظومة العمل الوطني والذي تتسابق فيه المنظمات والهيئات الدولية لإطلاق التشريعات والأنظمة والقوانين الدولية التي تنظم هذا التوجه، مضيفا إن مفهوم الحفاظ العمراني لم يعد يعني مجرد ترميم المباني التراثية، بل تطور هذا المفهوم إلى توجه تلك المنظمات لغرس مفهوم تأهيل المبنى وإشراكه في منظومة الحياة العامة. » فنون زخرفية وأردف، إن مصدر افتخارنا واعتزازنا بتلك المأثورات والتحف والنقوش الفنية نابع من معرفتنا وقناعتنا بأهميتها والدور الذي كانت تؤديه في المجتمع المحلي والجماليات التي أكد عليها الفنان الشعبي، كما نشهد اهتماما ملحوظا وتوجها واضحا نحو الفنون الزخرفية في الكثير من المشغولات ولكن بتأثير أفراد وجهات أجنبية لا علاقة لها بالمورث المحلي، على الرغم من العاطفة المتنامية لدى أفراد المجتمع نحو كل ما يحمل صبغة تراثية. » نقوش جصية وأشارالوايل إلى أن النقوش الجصية المحلية تندرج ضمن منظومة الفنون الإنسانية وهي ذات خصائص وسمات فنية تحمل في طياتها معاني ورؤى وتصورات فطرية استوحاها الفنان الشعبي من علاقته بالمكان وارتباطه بالأرض والبيئة، وأن خصوصية الزخارف الجصية الأحسائية تبرز في مجموعة من السمات التي تميزت بها، فالأحساء كإقليم من الأقاليم الإسلامية التي كان لها كيانها وطابعها الإسلامي المميز، تنتمي معظم الخصائص والسمات التي ظهرت في نقوشها إلى حضارة الفن الإسلامي، كالتكرار والتوالد والتماثل وخاصية شغل الفراغ، وتحوير العناصر الطبيعية بأشكال زخرفية هي ذاتها أساليب الفن الإسلامي في الزخرفة التي درج عليها أهل الأحساء، كما أنها تعبر عن أساليب واتجاهات فطرية متوارثة جيلا بعد جيل، أضاف لها كل جيل ما توصل إليه وما استطاع إضافته وطوروها بحسب الظروف السائدة في فترتها وما أتيحت لهم من إمكانات. » المزخرف الأحسائي وأضاف إنه يمكن التعرف على خصائص النقوش الجصية الأحسائية من خلال عدة أمور، أولها: أن الكثير من الرموز والوحدات الزخرفية هي من ابتكارات المزخرف الأحسائي، والتي تزخر بوفرة الحرفيين لدرجة خروج الكثير منهم للعمل في المناطق المجاورة، والعامل الثاني: أن الأحساء كتجمع سكاني (وليس كامتداد جغرافي) يمكن وصفه كمجتمع مستقر بعيد نوعا ما عن المتغيرات الكبيرة في التركيبة السكانية والهجرات كما كان يحدث في فترات تاريخية مبكرة، وما جلبته تلك الهجرات من عناصر معمارية وزخرفية غير محلية.