لو تتبعنا جذور أو منابع أي مشاجرة بين مراهقين كتلك التي ينتج عنها استخدام السلاح الناري ويروح ضحيتها شباب في مقتبل العمر نتيجة لخلافات تافهة، على موقف سيارة أو ملاسنة في مطعم أو بسبب تعصب رياضي.. إلخ، لوجدنا أن للأسرة دورا في ذلك، من خلال شحن الأبناء بطريقة أو بأخرى، دون أن نغفل بعض روافد الدعم لمنابع الهياط الناتج عن تصرفات (المهايطية)، ولا ننسى كذلك ما تقوم به (بهارات الشيلات الحارقة) من تأجيج في نفوس المراهقين؛ كونها تدعو للعنف بشكل مبطن (ارمح ارمح، ارفس ارفس!). طبعا حاولت أن أقرب مثالا حول بعض كلمات الشيلات دون ذكر كلمات لشيلة بعينها، الهدف إيجاد حلول وليس لنقد شيلة أو شخص قبيلة بعينها، فما أحوجنا لزراعة القيم من تسامح وعفو واحترام وتقدير وشجاعة اعتذار في نفوس أبنائنا لنرتقي سلوكيا في كل منحى من مناحي الحياة، وفي المقدمة الاهتمام بسلوكنا على الطريق أثناء القيادة، لكي نساهم جميعا في رسم لوحة جميلة من التسامح تضاهي جمال لوحات (بيكاسو). في كل مرة ألقي فيها محاضرة عن السلامة المرورية حول (أخلاقيات السياقة) أبدأ بشريحة تتحدث عن ثلاثة عوامل أساسية يحتاجها كل سائق مركبة لكي يكون سائقا وقائيا، المعرفة والمهارة والسلوك، وعندما أسأل الحاضرين عن المعضلة التي نعانيها في شوارعنا، هل لدينا نقص في المعرفة، والمهارة، أم أننا أمام إشكالية السلوك؟، ترتكز أكثر من 90% من الإجابات على أن مشكلتنا في السلوك، وفيما يخص المهارة، اتفق الجميع، على أن شبابنا في المهارة، يتفوقون على المتسابق الألماني مايكل شوماخر. المحير فعلا، لماذا لدينا مشكلة مع السلوك وخاصة عندما يكون الشاب خلف المقود (الدريكسيون)!؟ ولماذا (التنمر) في مدارسنا في ازدياد؟ ذكرت إحدى الصحف أن أحد الطلاب دخل المدرسة حاملا (رشاشا)، وآخر هدد الطلاب بمسدس أمام المعلمين، وهذا مؤشر خطير، أي أننا تعدينا مرحلة السلاح الأبيض بمراحل! وللمساهمة في تجفيف منابع الهياط والمضي نحو رؤية 2030 بشباب متزن ومتعايش ومتسامح ينطلق في اتجاه مصلحة وأمن وطنه، لا بد من تكاتف الجميع الأسرة، المدرسة، الجامع، الإعلام والمجتمع. المشكلة، شبابنا لا يعلمون ماذا يحدث خلف أسوار السجون، الجانب المظلم من قصص المشاجرات والانفلات والتعديات فلا يسمع الشباب خارج السجون سوى الشيلات والتفاخر، نحتاج أن ينقل لهم ما بداخلها، من أوضاع سجناء التهور.. أنينهم وأصوات الأغلال في أيديهم وأرجلهم، كذلك منظر السياف في مخيلة كل شاب قاتل، يجعله يعيش لحظات الموت في كل ليلة ويبقى أسير الزنزانة بين الخوف والقهر والندم!، أقترح على الجهات المعنية أن تكون هناك أفلام توعوية عبارة عن قصص واقعية مع احترام للخصوصية تنقل حياة السجناء ممن قادهم سلوك الطيش والتهور إلى غياهب السجون، لتعرض في المدارس والاستعانة بفن السرد الذي يتبعه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني... وش قلتم؟