عندما يكثر الحديث حول الحوادث المرورية, لا بد ان نسلط الضوء على جذور ومسببات تلك الحوادث لاننا للاسف في معظم احاديثنا نركز على الجانب العاطفي ونبدأ نسب ونلعن في السيارات بمثل هذه العبارات (الحديد ذبح شبابنا) والبعض يكيل التهم على الطرق واخرون يتهمون المرور كونه لم يحرك ساكنا حيال ما يحدث من وجهة نظرهم, طيب لماذا الحديد الذي نلعنه ليل نهار ما ذبح شباب خلق الله!؟. نترك العاطفة ونبحر في وديان العقل, وعلينا ان نعامل قيادة المركبة كوظيفة لها متطلبات وقوانين وكما تعلمون لكل وظيفة ما يسمى الوصف الوظيفي Job Description ومن اهم واساسيات المتطلبات ان يجيد قائد المركبة السلوك, المعرفة والمهارة المتعلقة بالقيادة وادابها. حتى لا يكون المقال انشائيا فقط دعوني اذكر لكم بعض نتائج الاستبيانات التي وزعناها في احد اسابيع المرور, لقد قمنا بعمل استبيان في اسبوع المرور عام 2005 على اكثر من 1400 شخص من مختلف الاطياف والجنسيات والاعمار من الجنسين وكان الاستبيان حول المهارات الثلاث وايهما ينقص معظم السائقين وكانت النتيجة ان اكثر من 95% ينقصهم السلوك. لا اخفيكم, لم تصدمني النتيجة لانه فعلا نحن امام ازمة سلوك وشبابنا في المهارة يتفوقون على اشهر ابطال الراليات وعلى رأسهم مايكل شوماخر لما لديهم من مهارة وحرفنة ولكن للاسف مهارة دون سلوك (هياط درباوية)! وفي نفس الاستبيان كان السؤال التالي, ايهما المسبب الرئيسي للحوادث المرورية من الاسباب المعاكسة أدناه من وجهة نظرك؟ (1) الطريق, (2) الحركة المرورية, (3) الطقس, (4) الضوء, (5) المركبة او (6) السائق؟ اعتقد عرفتم من اخذ اعلى درجة في التصويت، نعم انه السائق لقد كانت نتيجة الاستبيان ان اكثر من 93% قالوا السائق السبب الرئيسي. وبعد 6 سنوات اي في عام 2011 قمت بعمل نفس الاستبيان على ما يقارب 400 من طلاب شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات (ساتورب) ولم تختلف النتيجة كثيرا. وبهذه النتائج يتضح ان مشكلتنا الرئيسية تكمن في السائق, وليس في مهارته ولا معرفته بل في سلوكه. من يقول نحتاج لتوعية, نقول له انظر إلى تصرفات السائقين امام الاشارات المرورية المزودة بكاميرات وتابع تصرفات نفس السائقين ولاحظ كيف تكون تصرفاتهم عند الاشارات الضوئية بدون الكاميرات, اختلاف 180 درجة, اذا التوعية جميلة ولكنها ليست حلا لمن تنقصه ابجديات احترام حقوق الاخرين على الطريق. اخيرا نقول نعم وجود توعية وثواب وعقاب مهم ولكن مع ما نشاهد من فوضى وحوادث مخيفة نتيجة التهور, العقاب اهم, من المفارقات ان جيراننا في مملكة البحرين لديهم سباق الفورميلا 1 مرة كل عام في مضمار خاص بهذه المسابقة, وفي شوارعهم نجد الانضباط ونحن لدينا الاف (الفورميلات) في شوارعنا وعلى الطرق السريعة ونحلم بالانضباط فهل يتحقق الحلم؟.