يحرم البعض نفسه خيرا كبيرا بأن يشترط أن تُنسب له كل فكرة فكرها أو اقتراح اقترحه! فليس خير أفكار صاحب الفكر محصورا بالنص على أنها فكرته، بل الخير متعدٍ ومتعدد، فالأجر الأخروي عند الاحتساب باق وراسخ وفي الحديث الشريف يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا»، حتى ولو تُحفظ حقوقه الدنيوية، وفيها وطنية صادقة وسامية بأن يساهم في بناء وطنه حتى ولو لم يظهر على المسرح، وكثيرة هي المشاريع الرائدة القائمة اليوم لا نعرف من أول من فكر بها، ولكن يكفيهم فخرا أن أفكارهم صارت مشاريع راسخة والله يعرفهم وسيعرف بهم، وأيضا استمرارية صاحب الفكر في العطاء فهي مصدر رضا داخلي، وسيجد يوما من يقدر أفكاره حق قدرها. وأمير الشعراء أحمد شوقي يقول: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فإن الذكر للإنسان عمر ثان وما أجمل أن يُذكر الإنسان بفكره وعطائه. كل ذلك لا يعني صواب أن تُصادر أفكار أصحاب الفكر، أو تُنسب لغيرهم، بل هو عمل في غاية البشاعة؛ لأنه حرام شرعا، وتحطيم لأشخاص مفكرين ذنبهم أنه فكروا لمن لا يستحق فكرتهم، وقد يقول أحدهم: لماذا أفكر إذا كانت فكرتي ستؤخذ وتُنسب لغيري؟، بالإضافة إلى الوضاعة التي يضع نفسه فيها سارق أفكار غيره، وما أسرع سقوط من كانت أفكاره ومشاريعه مسروقة! أتمنى من صاحب الفكر ألا يتوقف من أجله وأجل وطن يستحق مهما كانت التحديات. وأتمنى من كل صاحب قرار أن يدرك أن نسبته الفكرة لصاحبها نجاح له قبل غيره، ففيه بيان لسموه الأخلاقي، دليل على إبداعه القيادي وقدرته على التأثير بحيث حرك أصحاب الفكر لتقديم أفكارهم له لا لغيره، كما أنه يجعل نجاحه مستمرا بحصوله على منجم لا ينضب من الأفكار التي يكون دوره فيها تحويلها إلى واقع، وهو دور عظيم كدور صاحب الفكرة أو أكبر! لذا، احرص على أن تسمو بنفسك، ولا تسرق جهد غيرك!