تحول الحديث عن فتاة تايلند، من كونه خلافا عائليا يحدث ويحل في عدد من الأسر دون أن يعلم عنه أحد، إلى حملة جديدة تستهدف النيل من قيادة المملكة، وسياستها. لم يكن الهدف حقوق الإنسان، أو حماية مستقبل شابة من الضياع، بقدر ما كان تشويها لصورة المملكة في العالم، خصوصا من قبل كندا التي تمر علاقاتها مع المملكة بأزمة. لقد انساق عدد من الأصدقاء الذين أعرفهم ممن يعملون في عدد من الصحف الدولية إلى مجاراة قضية فتاة تايلند بتلك الصورة النمطية في خيالهم عن الدول الإسلامية، والمنتشرة في الغرب بكثرة، ومؤداها أن المرأة مضطهدة في الدول الإسلامية، ولا بد من تدخل الغرب لإعطاء المرأة مكانتها المستحقة. الغرب الذي يرى نفسه صاحب اليد العليا في إعلاء قيم حقوق الإنسان. هذه بالتأكيد دعوى باطلة مبنية على أساس عنصري وفوقي من قبل صحافة الغرب ومستشرقيه الجدد. دعني أذكر أصدقائي الأعزاء بأن برنامج الابتعاث السعودي الذي ابتعث أكثر من نصف مليون سعودي، ما بين طلبة ومرافقين، لم يشهد حالات هروب مطلقاً. هذا البرنامج التنويري الضخم كان للمرأة السعودية نصيب كبير فيه، فلماذا لم تهرب المبتعثات المقدر عددهن بعشرات الآلاف، وقد أتيحت لهن الفرصة للهرب واللجوء في البلدان التي كن يدرسن فيها، إذا كانت بلادهن مقر قمع نسائي. هذا هو السؤال المنطقي الذي لابد للزملاء الصحافيين أن يسألوا عنه. إن معظم القصص التي انتشرت عن سعوديات لاجئات لا تعدو كونها مجرد خلافات أسرية شخصية بحتة لا علاقة لها بالحكومة ولا مؤسساتها الرسمية. وكنت أتمنى عدم التدخل الحكومي الرسمي في قضية فتاة تايلند، ولا تواجد أي مسؤول سعودي في هذه القضية، بل تركها للظروف والوقت والعائلة فهذه هي الطريقة الصحيحة لحل هذه المسألة. هذا النوع من القضايا العائلية يجب ألا تتدخل فيه الأجهزة الرسمية لأنها لا تستطيع أن تفعل الكثير في تلك الدول، بل إن المتربصين سيربطون القضية بالدولة بهدف شيطنة الحكومة السعودية ونظامها الرسمي. هذه الشابة أمامها مستقبلها الذي اختارته، وهي حرة بالطبع في تقرير مصيرها، وقد ينتهي هذا الخلاف الأسري في أي وقت. لكن الحملة ضد المملكة ستستمر. تكشف قضية فتاة تايلند حالة التسييس التي يتم بها استغلال القضايا الإنسانية. تجاهلت كندا، وعدد من الدول الأوروبية عشرات الآلاف من طلبات اللجوء من مواطني دول غارقة في الصراعات، وهرعت لاستقبال فتاة غاضبة من عائلتها. إنها ازدواجية المعايير لا شيء أكثر من ذلك. شهدت السنتان الأخيرتان عملية تحديث ضخمة في الأنظمة الحكومية من أجل تمكين المرأة السعودية وإعطائها حقوقها الشرعية التي حالت وجهة نظر المجتمع دون تمكينها منها. حالة التطوير هذه تأتي مدفوعة برغبة ملكية من صانع القرار في تطوير البلاد وإتاحة الفرصة لمواطنيها دون تفرقة في المساهمة في حركة التنمية.