بدايتها مضاربة على موقف سيارة أو تجاوز عند إشارة مرورية أو حتى بسبب قضية هامة، ولكن لا يمكن أن تصل إلى قتل إنسان، فسجن، فندم، فمناشدات، فعفو تتبعه حياة صعبة أو إقامة الحد. هذا ما حدث ويحدث مع شديد الأسف، والمشكلة أن بعض أفراد المجتمع وأحيانا من كباره يدفع لهذه النهايات المأساوية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، بتكرار عبارات على مسامع الأبناء، مثل: «الشجاعة لا بارك الله بالضعف» «خذ حقك بيدك» «لا تترك ابن عمك» بل وتظهر قصص تسخر من هذا الجيل الذي يرى ابن عمه في مشكلة ولا يقف معه، أو عندما يتعرض لمشكلة يكتفي بالذهاب إلى الشرطة! ما تسمى شجاعة وفزعة عند البعض اليوم أقل ما يقال عنها أنها تهور ونقص عقل ودليل جهل واضطراب نفسي. فمنذ أن وحدت هذه البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ورجال هذا الوطن، استتب الأمن وانتهت المفاهيم المغلوطة عن الشجاعة، التي جعلت آباءنا يقتل بعضهم بعضا من أجل قضايا لا تستحق، وأصبحت شجاعة الشجعان في الدفاع عن الوطن والسعي في معالي الأمور! ولذلك، يحتاج الكثير منا لأن يخرج من أسر الماضي ويعيش عصره الحالي إن يريد حياة سوية! وهذا دور الآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات في الحصص والقاعات، وشيوخ القبائل ورؤوس العائلات بأن يبنوا من السبل ما يقيهم من إحراج أنفسهم برجاء فلان وعلان، وكذلك على من ملك صوتا إعلاميا - والكل يملكه اليوم - أن يقوم بدوره في ترسيخ المعنى الحقيقي للشجاعة. يجب أن تتكاتف الجهود، فليس هناك أخطر من إراقة الدماء، مهما كانت المبررات، فالله - جل جلاله - يقول: «ومن يقتُل مُؤمِنا مُتعمِدا فجزاؤُهُ جهنمُ خالِدا فِيها وغضِب اللهُ عليهِ ولعنهُ وأعد لهُ عذابا عظِيما»، ورسول الرحمة - صلوات الله وسلامه عليه - :«والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا». ومن القصص التي مرت علي، كلمة لرجل قُتل أحد أبنائه، فلُبست المشالح وتوجه له كبار القوم يطلبوه العفو، عندما اجتمعوا في مجلسه نظر إليهم وقال: هل تعرفون هذا القاتل الذي تسعون له؟ كيف قتل ابني وماذا فعل سابقا؟ هذا القاتل مدمن، وقد خرج من أكثر من قضية سابقا بالشفاعات، والآن قتل ابني غدرا، ولو عفوت عنه الآن لخرج وارتكب جريمة جديدة، لن أعفو وسأقيم عليه الحد من أجلكم وأجل أبنائكم!