مجال الدعاية والإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعيش فترة ذهبية من الناحية المادية، خصوصا أن مفهوم التسويق قد تغير عن السابق وتحديدا مفهوم الإعلانات والتي كانت تقوم سابقا بتحفيز العملاء للذهاب للمتاجر للشراء أما الآن فأصبح الإعلان هو مكان ووقت الشراء سواء عبر الجوال أو الجهاز الشخصي حيث تكون عملية فورية ومباشرة، وهذا غير كل شيء في موازين الدعاية والإعلان، فضلا على أن الإعلانات التلفزيونية تحديدا لم تعد تحقق ذلك الرواج والتأثير لدى المستهلكين حتى ولو تم الاستشهاد بعدد المتابعين للقناة، حيث إن معظم المشاهدين للمباراة أو المسلسل أو البرنامج ينشغلون بأجهزتهم الذكية حينما تكون هناك فواصل وهو ما يفقد الإعلان أهميته عبر تلك الوسائل. وتعاني القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلان التقليدية الأخرى من مشاهير «السوشال ميديا» بعد استقطاعهم حصة كبيرة من نصيب الإعلانات والدعايات والتي تقوم عليها هذه الوسائل كمصدر رئيس لدخلها منذ عقود وكانت تدر عليها أموالا طائلة. وبغض النظر عن المحتوى الذي يقدمه هؤلاء «المشاهير» سواء كان تثقيفيا أو بلا محتوى أو تهريج، ولكن المهم لدى الكثير من المعلنين هو عدد المتابعين لهؤلاء المشاهير، وهذا كافٍ للشركات والمتاجر بأن تتهافت عليهم من أجل الإعلان الذي لا يكلف الشركة المعلنة شيئا من الناحية التقنية أوالمونتاج أو الإخراج والذي لا يكلف في معظم الأحيان أكثر من سلفي ويكون تأثيره أكثر فاعلية من الوسائل التقليدية. ففي أمريكا مثلا إذا كان لدى المشاهير متابعون يتجاوز عددهم 3 ملايين فمتوسط الإعلان عبر يوتيوب يكون 75 ألف دولار و30 ألف دولار لتغريدة أو سناب شاب أو انستغرام. وهو مبلغ كبير جدا ولكن أقل بكثير من قيمة الإعلانات التلفزيونية. ويحقق ذلك هدف المعلن بشكل أسرع وبتكلفة أقل. ومع شدة المنافسة في هذا المجال وسيل لعاب الكثير لركوب هذه الموجة، نجد أن الكثير منهم يحرصون على إثارة الجدل والرأي العام حول تصرفاتهم وآرائهم لجذب عدد أكبر من المتابعين بغض النظر عن الطريقة حتى ولو تطلب ذلك بعض التنازلات أو تقديم أنفسهم كمهرجين أحيانا. وهناك تساؤلات تتعلق بمدى مصداقيتهم فيما يعلنون عنه مقابل من يدفع أكثر، وكذلك هناك تأثير على سمعة المعلنين وسمعة منتجاتهم بسبب بعض المشاهير وتصرفاتهم التي قد تجد ردة فعل عكسية أحيانا. وكل هذا يتطلب تنظيما ويتطلب إجراءات لضبط المحتوى سواء من الناحية الثقافية أو الموثوقية فيما هو معلن، بالإضافة لأهمية حصول المعلن على رخصة لممارسة هذا النشاط لمحاسبة أي تجاوزات.