بعد إعلان الرياض اتفاقاً لتأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن قوامه 7 دول، وهي: السعودية واليمن والأردن في الشق الآسيوي ومصر والسودان وجيبوتيوالصومال في الأفريقي، ما يمثل أهم اتفاق أمني لمنطقة الشرق الأوسط في العهد الحاضر بحسب الإحصائيات وآراء محللين وخبراء. وأوضح سياسيون عرب خلال حديثهم ل«اليوم»، أن مبادرة المملكة في تأسيس كيان أمني لمنطقة البحر الأحمر هي درع للشرق الأوسط، مشيرين إلى دور السعودية العالمي المتعاظم لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وقالوا: تأتي أهمية توقيت المبادرة بعد ظهور أطماع إقليمية وعالمية للسيطرة على الممرات المائية للبحر الأحمر، خصوصاً التغلغل الإيراني في منطقة القرن الأفريقي، وتهديد الحوثيين في اليمن إلى جانب المحاولات الإسرائيلية المستميتة للسيطرة على هذه المنطقة لتحقيق مصالحها. » إنجازات مهمة وأوضح المندوب الدائم لجمهورية الصومال لدى منظمة التعاون الإسلامي، السفير عبدالرزاق عبدي، أن المملكة اتساقا مع دورها العربي والإسلامي تأخذ على عاتقها العديد من قضايا الأمة، تحقيقا للأمن والاستقرار الدوليين، وأضاف: جاء تحرك المملكة في تأسيس كيان البحر الأحمر لتحقيق 4 إنجازات مهمة، وهي: الأمن والاستقرار والتجارة والاستثمار للدول المعنية، مبيناً أن البحر الأحمر يمثل نحو 30% من الملاحة النفطية العالمية. ولفت إلى أن القرصنة قبالة سواحل الصومال شكلت أبعاداً متصاعدة منذ مطلع 2008، وباتت تهدد أهم الطرق البحرية إلى جانب التهديدات من قبل الميليشيات الحوثية، وظهور مطالبات بتدويل مضيق باب المندب، ما توجب التحرك السريع لدول البحر الأحمر وعلى رأسها المملكة، التي تستحوذ على قرابة 1890كم من الساحل، للحد من تلك المطامع، وقال: يمثل أمن البحر الاحمر أهمية واسعة للسبع دول، التي يضمها الكيان. » نظرة ثاقبة وفي السياق، ثمّن الخبير السياسي ورئيس تحرير صحيفة الأخبار السودانية، مصطفى أبوالعزائم، مبادرة المملكة ووصفها بالحدث الكبير، وقال: ما شهدته المملكة العربية السعودية الشقيقة في اليومين الماضيين بميلاد كيان للدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر هو حدث عظيم وحلم كان بعيد المنال، وأضاف: يحفظ التاريخ للمملكة أنها كانت صاحبة الفكرة والمبادرة وها هي ترى النور وتصبح واقعا يمشي على الأرض. وزاد أبوالعزائم: عند إعلان ميلاد هذا الكيان، الذي يجمع المملكة والسودان ومصر الشقيقة بالإضافة إلى الأشقاء في جيبوتي والأردن والصومال واليمن، تأكد للجميع النظرة الثاقبة للقيادة السعودية حول ضرورة الحفاظ على أمن البحر الأحمر، خاصة أن هناك الكثير من الأطماع الإقليمية والدولية على الممر الإستراتيجي، فهناك قوى تعمل على فرض أجندتها السياسية والعقائدية في المنطقة مثل إيران، التي تحاول أن تدفع بالمد الطائفي وتهدد أمن الحرمين الشريفين. واصفاً الحدث بأكبر إنجاز إقليمي يحسب لصالح المملكة والدول المطلة على البحر الأحمر وهي نواة لمشروع متكامل أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً. » تهديدات إيرانية بدوره، أكد المحلل السياسي عضو مجلس في كلية الملك خالد العسكرية، د. نايف الوقاع، أنه بعد تصعيدات إيران الصريحة والواضحة تجاه الملاحة الدولية في البحر الأحمر هي وميليشياتها الحوثية ودعمها للحركات المسلحة والقرصنة في القرن الأفريقي، جاءت المبادرة السعودية لتأمين ووقف مهددات أمن البحر الأحمر، وإيران تمثل تهديداً للتجارة العالمية بمحاولتها المس بالعمق الدفاعي لدول البحر الأحمر، مبينا أن مساعي طهران من خلال هذه الأعمال الإرهابية لن تسهم في أي ضغوطات على المجتمع الدولي لتحسين وضعها التفاوضي حيال العقوبات الدولية الموقعة ضدها. وأشار الوقاع إلى دور المملكة العالمي في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة وإنشاء تحالفات دولية لملاحقة التطورات المتسارعة، التي تعصف بالشرق الأوسط، مبيناً أن المملكة تستحوذ على 33.9% من طول ساحل البحر الأحمر، ما جعلها من أوائل الدول المعنية بأمن واستقرار ذلك الشريان القومي والإقليمي والدولي، وعلى الصعيد الاقتصادي فإن البحر الأحمر تعبر من خلاله حوالي ثلث التجارة العالمية. » أطماع دولية في المقابل، المحلل والباحث السياسي اليمني أحمد ناشر، شدد على أن البحر الأحمر يعد من أهم الممرات المائية، ولذا نجد أن الأطماع تكاثرت عليه منذ القدم؛ ونذكر بالتالي عهد البرتغاليين، وفي الآونة الأخيرة كانت هناك أطماع إسرائيلية للبحر الأحمر ومحاولة شراء جزر والتواجد في مناطق بشمال شرق أفريقيا، إلى جانب دخول إيران على الخط في سعي للسيطرة على الممرات والجزر تنفيذاً لتوجهاتها التوسعية الخارجية، من خلال السيطرة على الحديدة عبر الحوثيين وتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي. ولفت ناشر إلى أن كل ذلك وضع دول البحر الأحمر وعلى رأسها المملكة على أهبة الاستعداد ومن ثم التحرك بشكل سريع لتأمين مصالحها وألا تغض الطرف عما يحدث بهذا الممر، الذي يمثل العمق الإستراتيجي والدفاعي لها جميعا. وقال الباحث اليمني: الكيان للدول المشاطئة قطع آمال وأحلام المشروع الفارسي الإيراني، خصوصاً بعد كثرة المطالبة بتدويل باب المندب لمنع الدول العربية من تعزيز قدراتها الدفاعية وعزلها تماهيا مع المشروع الصهيوني والفارسي.