تسلم وزير الخارجية السوداني الدكتور الدرديري محمد أحمد ونظراؤه في الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن دعوة من معإلى وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير للمشاركة في الاجتماع الأول لوزراء خارجية مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن والمزمع عقده بمدينة الرياض في الثاني عشر من شهر ديسمبر من العام الجاري. واعتبر خبراء سودانيون الدعوة السعودية مفخرة من دولة ظلت تعمل من أجل لملمة الصراعات في المنطقة وتحويلها من نغمة إلى نعمة لتتحول منطقة البحر الأحمر من مرتع للقرصنة وصراع النفوذ ودوامة الحروب إلى جسر مهما للتواصل بين الحضارات العريقة كما كان سابقا والتي عاشت على شواطئه منذ فجر التاريخ. والتقى وزير الخارجية السوداني بمكتبه في الخرطوم سفير خادم الحرمين الشريفين علي بن حسن جعفر والذي سلمه رسالة خطية من عادل بن أحمد الجبير، يدعوه فيها للمشاركة في الاجتماع الأول لوزراء خارجية مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن والمزمع عقده بمدينة الرياض في التاريخ المحدد. ويهدف الاجتماع المرتقب لمناقشة مسودة تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن. وتطرق لقاء بن جعفر والديرديري للعلاقات الثنائية بين السودان والمملكة وسبل دعمها وتطويرها. ويقول الخبير السياسي السوداني الشيخ يوسف الحسن ل"الرياض" إن البحر الأحمر شُريان مائي مهم بموقعه المميز ويمثل نقطة التماس بين الجوار العربي والأفريقي وتعتبر دعوة المملكة لتجميع هذه الدول في كيان واحد مفخرة من دولة ظلت على الدوام تسعي للاتحاد والقوة ونهضة المنطقة. ويشير إلى أن البحر الأحمر يُعد أحد أهم طرق الملاحة الدولية التي تنقل نحو 15 % من التجارة العالمية، كما يعيش في دوله المطلة عليه أكثر من 200 مليون نسمة يطمحون إلى تحقيق السلم والاستقرار والنمو. ويؤكد الحسن أن المملكة دولة رائدة ودائما ما تجد دعواتها أذن صاغية في الجوار العربي والأفريقي وهي تعلم أن المنطقة بالفعل في حاجة إلى إطار مناسب يرسي قواعد تعاون اقتصادي إقليمي متناغم يحقق المنفعة المشتركة، ويؤدي إلى إجراء حوار كاشف حيال الأوضاع السياسية في إقليم البحر الأحمر ومحيطه، ويوفر في الوقت ذاته صيغة للتنسيق المشترك الفاعل لمجابهة التحديات الأمنية في المنطقة. ويري أن الفرصة لا تزال سانحة لتدارك ما مضى، وتعزيز الحوار السياسي لتنسيق المواقف من القضايا الإقليمية وتشجيع الاستثمار وتعزيز التجارة الإقليمية بين الدول العربية والأفريقية. ويعتبر أن المملكة بهذه الدعوة رفعت الطموحات لتعزيز التعاون المشترك وما يحمله ذلك من فرص، فضلًا عن تأسيس قوة جديدة لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة، عبر تحقيق التنسيق والتكامل اللازمين بين الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر. ويقول الحسن إن الاتحاد مهم لمواجهة التحديات الجديدة التي برزت في عالم اليوم وتستوجب التكاتف لأن المنطقة تواجه كثيرا من الأطماع الخارجية التي تحيق بالإقليم، وما تشهده بعض الدول المحيطة من اضطرابات سياسية وأمنية. ومن جانبه يقول المحلل السياسي عبدالرحمن غزالي ل"الرياض" إن الدعوة السعودية في هذا التوقيت مهمة جدا لمواجهة أخطار موجات الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر المتزايدة إلى جانب الإرهاب، مع إصرار الدول الداعمة له على نشر بذور الفتنة وعرقلة جهود التنمية من أجل مصالحها الخاصة. ويؤكد غزالي أن الأوضاع الاقتصادية لدول البحر الأحمر تتأثر سلبًا بمثل هذه التحديات السياسة والأمنية، والنظرة السعودية الحكيمة منذ لملمة صراع أثيوبيا وارتريا وجيبوتي والصومال ظلت تعمل بتجرد ونكران ذات من أجل وضع لبنة قوية للاتحاد في هذه المنطقة. ويشدد غزإلى علي أن ثمار الجهود السعودية الخالصة سينتج ميلاد منظومة اقليمية قوية تتكامل فيها عوامل التنمية الاقتصادية من عمالة وفيرة وخبرات عإلىة ومصادر استثمار وموارد وسوق واسعة. ويؤكد غزالي أن المساعي السعودية نجحت خلال الفترة الماضية في ردم الهوة الكبيرة التي كانت موجودة في الدول الشاطئية على البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب من أجل فتح المجال للاستغلال الكامل لإمكانات وفرص التعاون المشترك بين هذه الدول. ويشير حجازي إلى أن المبادرات السعودية في هذا الاطار ستؤدي لتعظيم الفوائد الاقتصادية لهذه الدول، وتعزيز فرص التكامل الاقتصادي في منطقة البحر الأحمر بما يقود لاستفادة مشتركة وإيجاد محفل جامع للدول العربية والأفريقية يحقق منفعتها المشتركة. ويؤكد حجازي أيضا أن المملكة مؤهلة وقادرة لردم هوة الخلافات بين دول المنطقة وقيادة سفينة المنطقة للتعاون والتنسيق لتحقيق المنفعة المشتركة سعيًا وراء هدف واحد هو تحقيق السلام والرخاء لشعوب دول البحر الأحمر. وفي السياق ذاته يقول المحلل السياسي السوداني عماد حسن ابراهيم إن المبادرات السعودية دائما مقبولة ورائدة وتقطع الطريق أولا على دولة الكيان الصهويني إسرائيل التي ترى في المنطقة المعنية عمقا استراتيجيا لسياستها التي عملت على تصعيد الصراعات في المنطقة. ويرى إبراهيم أن اسرائيل استفادت من الصراع، فانطلقت منه لدعم الحركة الانفصالية في جنوب السودان وإضعاف جهود حكومة السودان المناهضة لسياستها تحديدا في منطقة القرن الإفريقي إلى أن تدخلت السعودية بقوة وبعثرت أوراق الدولة الصهيونية في المنطقة. ويعتقد إبراهيم أيضا أن المبادرات السعودية أيضا توقف الأطماع الإيرانية التي ارتبطت بالبحر الأحمر بوصفه ممرًا مائيًا يؤمّن لها مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، ويُنْقَل عبره إنتاجها النفطي بحرية إلى الغرب وهي ظلت تسعى طوال السنوات الماضية للهيمنة في المنطقة. ويؤكد أن ايران ظلت لسنوات طويلة تتدخل في اليمن منذ الحرب الاهلية في اليمن الشمالي في العام 1962 وفي العام 1973 ساعدت إيران إمبراطور أثيوبيا ضد الثوار الإريتريين وفي العام 1987 زوّدت الصومال بالأسلحة إلى أن تلاشت الدولة الصومالية، ويشدد على أن السياسية الإيرانية تنطلق من واقع الهيمنة على المنطقة تعزيزًا لقوتها ومصالحها وخلق أنظمة دائرة في فلكها. ويرى إبراهيم أن إيران ظلت تدعم بإصرار الحوثيين في اليمن بشتى الوسائل على الرغم من الخسائر الفادحة التي يتكبدها الحوثيون يوميا من الضربات من قبل القوات اليمنية وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده المملكة، ويأتي ذلك كما يقول المحلل السوداني وفقا لتصور إيراني ضيق الأفق، يتصور أنه من الممكن استنزاف السعودية مع طول الوقت باعتبارها حجر الزاوية لمنظومة الأمن والتعاون لدول الخليج والمنطقة العربية، وأنه من الممكن أيضا عبر إطالة أمد الصراع في اليمن الإخلال بتوازن منظومة الأمن والتعاون للدول الخليجية والعربية من اتجاهين شرقا وغربا. ويؤمن المحلل السوداني على أن نموذج، عمليات عاصفة الحزم في اليمن يؤكد أن القرار السياسي العربي المشترك باستخدام القوة المسلحة كان قرارا حازما وصائبا، يعطي رسالة سياسية مهمة بعنوان (العقاب الجسيم) كتطبيق عملي لفكرة الردع الاستراتيجي، وهي صالحة تماما للبناء عليها لتأمين الملاحة في البحر الأحمر. ويقول إبراهيم إن المبادرات السعودية تؤدي إلى وضع سياسات مستقبلية عربية أفريقية خالصة لمنطقة البحر الأحمر، وتوقف كل التدخّلات الدولية السالبة وتؤدي إلى الاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة في البحر الأحمر وممراته ومضائقه إلى جانب وقف النزاعات المحلية والإقليمية.