أصبح القطاع العام يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاديات المختلفة؛ بسبب تدني مستوى الكفاءة وتدهور النوعية وتفاقم الخسائر المالية التي أثقلت كاهل الموازنة العامة للعديد من البلدان وأدت إلى تراكم الديون، وقد تزامن ذلك مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في النظام الرأسمالي العالمي، والذي أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الطلب على المواد الأولية وتدهور معدلات التبادل التجاري في البلدان النامية، وانعكست السياسات المالية وارتفاع أسعار الفائدة في البلدان الرأسمالية المتقدمة بزيادة أعباء القروض لدى البلدان النامية التي أثقلت كاهلها، وعندها شرع صندوق النقد والبنك الدوليان بفرض شروط جديدة لإقراض البلدان المذكورة والتي اشتملت على ما عرف ببرنامج التثبيت الاقتصادي وبرامج التصحيح الهيكلي، فالأول استهدف تصحيح الخلل في موازين المدفوعات والموازنات العامة، بينما استهدف الثاني تعديل الهيكل الاقتصادي من خلال تحرير التجارة الخارجية وسعر الصرف الأجنبي وتبني برامج الخصخصة. وفي هذا الإطار ظهرت الخصخصة كجزء من الحل، وتعني قيام الدولة بتحويل ملكية المؤسسات العامة أو المشروعات العامة جزئيا أو كليا إلى القطاع الخاص وتهدف إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية بالاعتماد على آليات السوق والمنافسة، وتخفيف الأعباء المالية عن الدول التي تعاني من الخسارة الكبيرة في شركات القطاع العام، وبالتالي يتوفر للدولة موارد مالية لتمويل أنشطة أخرى، وتوسيع حجم القطاع الخاص، والاعتماد عليه أكثر في عملية النمو والتنمية. وعلى هذا فإن أسلوب الخصخصة يتضمن إلى جانب تحويل ملكية المنشآت العامة إلى خاصة التحول أيضا في أساليب عمل، حيث يتم اتباع أساليب عمل جديدة تهتم في المقام الأول بالمنافسة وتلبية احتياجات السوق وهو ما يؤدي إلى الارتقاء بكفاءة وإنتاجية المؤسسات. كما أنه يتضمن إعطاء السوق الحر والقطاع الخاص الدور الأكبر في المجتمع مما يرفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة التي تم تخصيصها وتحسين أدائها، وتحسين نوعية وجودة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء، ويتم ذلك من خلال الاقتراب من حاجات ورغبات العملاء، وترشيد التكاليف، وزيادة المنافسة بين الشركات، وزيادة فعالية الإدارة من خلال تقليص دور الدولة في إدارة المؤسسات العامة والتخلص من القيود الحكومية والروتينية، وتوسيع فرص الاستثمارين المحلي والدولي.