أعتقد أن اللعبة الوحيدة في منظمات الأعمال الآن هي لعبة الأفراد، فإذا تمكنت من الحصول على الشخص المناسب في المكان المناسب فلن تكون هناك مشكلة بعد، ولكن إذا فشلت في ذلك أي وضعت رجلا غير مناسب في وظيفة ما، فلن يكون باستطاعة أي إدارة على وجه الأرض أن تنقذ الموقف. ولا أبالغ إن قلت إن أهم دور في إدارة الموارد البشرية هو اختيار المورد البشري صاحب الخبرة والشغف في مجاله ثم تحويله إلى رأسمال يضيف قيمة، والشغف يعد معيارا جديدا لعملية التوظيف، وهو الذي لا يمكن قياسه بل يمكن استنتاجه من كلام المرشح وتعابيره عندما يتناول عمله بثقة وسعادة وانبهار. كما نجد المنظمات توظف الأفضل من ذوي المعرفة والمهارات التي تتعدى مهارات القيام بالمهام الأساسية، وذلك لكي تعظم العائد على الاستثمار في التعيين. إن 64.9% من الباحثين عن الوظائف يهتمون بالراتب كمعيار أول لقبول عرض العمل، وهذا هو مكمن التوظيف الذكي، وعلى إدارة التوظيف أن تستخدم الذكاء في عملية التوظيف بإعطاء الموظف ما يهتم به كثيرا كالراتب والتدريب أو البدلات العينية والمحفزات، لأنها قد تحتاج إليه في بعض المهام المرتبطة بالمهارات والمواهب ونقاط القوة الكامنة لديه، فتوفر المؤسسة تكاليف توظيف عدة أشخاص لعدة مهام. إن استثمار المهارات الكامنة لدى الموظفين ووضعهم في الأماكن المناسبة لهم وتكليفهم بالمهام التي تناسب مهاراتهم وقدراتهم، تجعلهم أكثر إنتاجية وسعادة ورغبة في الإنجاز، ومما يؤدي إلى خفض تكلفة العمل وتعظيم ربحية المنظمة فضلا عن بقائها واستمرارها، وإظهار الوظائف التي تناسب راغبي العمل من حيث مهاراتهم وقدراتهم مما يؤدي إلى اختيار الفرد للوظيفة التي تناسبه، وخلق اتجاهات مؤيدة لراغبي العمل تجاه المنظمة خصوصا في حالة وجود ندرة في بعض التخصصات المطلوبة، مما يسهل مهمة المنظمة في توفير متطلباتها من العاملين وتقليل سرعة معدل دوران العمل، ورفع الروح المعنوية للعاملين ووضع الفرد المناسب في المكان المناسب وتحقيق الاستقرار في العمل. وتقع هذه الإستراتيجية في صلب عمل إدارة الموارد البشرية لتعظيم العائد من الاستثمار في رأس المال البشري، كي لا تكون مجرد بيئة تدريب داخلية مدفوعة الأجر لبعض الموظفين الذين سيبحثون عن وظائف أخرى وبيئة عمل احترافية تضمن لهم تحقيق رغباتهم المهنية والتطويرية.