«الفاشينستات» كلمة ذاع صيتها وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بشكل لافت، وهي وصف لشخصيات نسائية مهتمات بالموضة والمكياج ويزعمن أنهن على علم بأحدث المستجدات في هذا المجال، والغريب في الأمر أن «الفاشينستات» استطعن أن يجمعن جمهورا من النساء، لدرجة أن من تحمل هذا اللقب استطاعت أن تتكسب من ورائه من خلال الإعلانات وتقاس شهرتهن من عدد المتابعين لهن في منصتي إنستجرام وسناب شات، ويتابعهن المراهقات والشابات وحتى الأمهات ولوحظ في الآونة الأخيرة تأثيرهن السلبي على مجتمعنا، في الوقت الذي أكد خبراء أن تنامي ظاهرة «الفاشينستات» وراءه الفراغ والتقليد.. ولكن كيف استطعن هؤلاء التسلل الى المراهقات والشابات بهذه السهولة؟. «فاشينستا» طبيبة وذكرت بدرية محمد انها لم تتأثر من قبل بكلام «الفاشينستات»، لكن وثقت في كلام طبيبة كويتية شهيرة تتحدث باستمرار عن البشرة والشعر والذي هو من اهتمام كل أنثى. وتقول: «في فترة ما أصبحت بشرتي مرهقة وكانت بحاجة للتجديد، وتزامن ذلك مع نشر طبيبة كويتية مقطع فيديو تتحدث فيه عن كريم مقشر طبي ومرخص ويجدد البشرة ويقضي على التجاعيد الخفيفة وسعره جيد ويتوفر في المستشفيات الحكومية، وصرحت الطبيبة الشهيرة بأن هذا الكريم من اهم المنتجات التي تستخدمها بشكل شخصي ولا تستطيع الاستغناء عنه، وبالنظر إلى بشرتها الخلابة بإمكان أي فتاة ان تقتنع وتقتني الكريم، ولم أستمر أسبوعاً حتى صعقت بالنتيجة العكسية، أصبحت بشرتي أكثر شحوبا وظهرت تجاعيد عميقة تحت العين وكأني أعيش فترة شيخوخة مبكرة، لم أكمل استخدامه وقمت بمعالجة بشرتي بماسكات طبيعية وكريمات ترطيب لمدة 15 يوماً حتى عادت بشرتي واختفت التجاعيد، كان درساً لي لكن تعلمت ان لا اصدق أي مشهورة حتى لو كانت طبيبة.» خلافات زوجية وقالت أسماء طارق: ان إحدى أخواتها ام ولديها اطفال وتأثرت بالفاشينستات، وسبّب ذلك خلافات بينها وبين زوجها لمطالبتها له بالسفر مثلهن وشراء ما يشترين من ماركات باهظة الثمن، وتعدى الامر إلى خروجها للأسواق وتصوير المنتجات والمحلات فقط لتقليدهن برغم عدم وجود متابعين في حسابها الشخصي لسناب شات، ورأت مؤخراً إحدى المشهورات تمدح كريمات للبشرة ومقشرات واستخدمتها لكن لم يعد ذلك عليها بنتيجة تذكر. وأضافت أسيل الرشيدي: إنها تأثرت بهن وقررت ان تلجأ لحقن الفيلر لاجراء تعديلات على وجهها، من خلال رؤيتها تجاربهن ومدحهن للمادة، وتقول: «لقد تراجعت عن رأيي بعد اكتشافي صعوبة إزالتها من الوجه.» المراهقة والطفولة ومن جانبها ترى الأستاذة في علم النفس د. أروى عرب أن الفراغ قد يكون أحد التأثر ب «الفاشينستات» ومتابعتهن، وعدم وجود اهداف للشخص المتابع، وحب الفضول واكتشاف الجديد، وقد يتحول ذلك إلى ادمان إذا لم يستطع الفرد ضبط ذاته وإدارة وقته، والرغبة في التقليد والمحاكاة وهذا السلوك ينتشر في فترة المراهقة والطفولة. وأضافت عرب: إن لدى الشخص المؤثر على هذه المنصات منتجا يرغب في تسويقه قد يكون منتجا ماديا او فكريا او توعويا، وتعتمد زيادة المتابعين على تميز المنتج، عمر الشخص المؤثر، تواصله الدائم والايجابي مع الجمهور، شكله الخارجي، احياناً العائلة، وعوامل أخرى. ويقع الدور الأكبر على الجمهور في صناعة المؤثرين، فالمؤثر لديه هدف ومنتج ومنصة لتحقيق هذا الهدف ويبقى الدور على الجمهور في رفع أسهمه. شعور بالنقص وتضيف عرب: إن من تأثيرهم السلبي قضاء الفرد وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي مسبباً له الارق واضطرابات النوم، والشعور بالنقص وفقد الثقة بالنفس نتيجة المقارنة من ناحية المظهر الخارجي بين الفرد والمؤثر على مواقع التواصل، أيضاً قد يسبب العزلة والاكتئاب ومشاكل في التواصل مع الآخر. الاهتمام بالوعي ولفتت إلى أنه كلما زاد الوعي بالذات ووجود اهداف للفرد في حياته وكان لديه خطة حياتية، قل تأثره بالآخرين، بالإضافة إلى أهمية شغل أوقات الفراغ للمراهقين والأطفال بمعرفة هواياتهم وتوجيههم لاستغلالها بطريقة سليمة، وإدارة الفرد لوقته عامل هام، ومتابعة الاسرة لأبنائها ومناقشة نوع المحتوى الذي يتلقونه من مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدام وسائل التحكم التقني من قبل الوالدين أمر ضروري. طمس واختلال وأشارت الاخصائية الاجتماعية وفاء العجمي الى ان الفتيات من فئة المتابعات «للفاشينيستات»، يقبلن أي شخصية ذاع صيتها، في أي مجال كان، ويفضلنّ الجديد والغريب، ويتبعنه ويقلدنه، بشكل أصبح هوسهن فتضيع لديهن الهوية الشخصية، وتطمس لديهن العادات والتقاليد الأصيلة، وتختل الأفكار والمعتقدات لديهن بشكل خطير. أزمة الهوية وتشرح العجمي أن الفتيات اللاتي يفتقدن للوعي والثقة بالنفس ولا يدركن ماذا يردنِ في حياتهن، نراهن يلجأن لتقليد «الفاشينيسات» لأنهن يتخبطن ضمن ظروف اجتماعية فيهربن منها بالتقليد والمحاكاة من هذا الواقع، وكرد فعل صارخ على الصراع الذي يعشنه ولعدم قدرتهن على تكوين شخصية مميزة خاصة بهن وحدهن. قدرات الأفراد وتضيف الاختصاصية الاجتماعية: ان هذه الظاهرة هي نتاج الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية لأفراد يبحثون عن مثل أو قيم أو مشاهير يكونون نموذجاً بالنسبة لهم، وهذه الظاهرة تخص الجميع لأن فقدان الشعور بفرادة الذات وقدرتها يعطل الكثير من قدرات الأفراد وينعكس على المجتمع، وأرى أن التسلح بالوعي واكتساب الثقافة الحقيقية هما الطريق الوحيد للخروج من هذا الفخ. رخصة مؤثرين ومن جانب آخر أكد المتحدث الرسمي لوزارة الاعلام عبدالله المغلوث في اتصال هاتفي ل(اليوم) ان هناك خطة للحد من إعلانات مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي ستطبق قريباً، وهي رخصة مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي تلزمهم بعدم الإعلان لأي منتج او جهة معينة تقدم خدمات مخالفة، ولن تكون الإعلانات الا عن منتجات معتمدة، وأي مادة منشورة تخدش الحياء او تخالف العادات وتقاليد المملكة سيتخذ بحقها الاجراء المناسب.