المصالحة التاريخية بين البلدين الإفريقيين الجارين: إثيوبيا وإريتريا تُنهي قرونًا من الصراع بين بلدين كانا في أحد الأيام بلدًا واحدًا، أما أن تتم هذه المصالحة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في بلادنا، فهذا يؤكد المكانة التي تحتلها المملكة بين دول الإقليم والعالم، كما تؤكد احترام هذه الدول وتقديرها للدور السعودي في التنمية الإقليمية والسلام العالمي من جهة أخرى. ويجيء ذلك كله نتيجة للجهود التي تبذلها المملكة بنجاح في توثيق العلاقات وأواصر الجوار والصداقة مع الدول الأفريقية، خاصةً دول القرن الأفريقي التي تجاور المملكة، وتلتقي حدودها البحرية معها من جهة، كما أنها ذات تأثير في سلامة الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وهي مناطق يكتسب موقعها الجغرافي أهمية بالغة على ضوء التمدد الحوثي على الشرعية في اليمن والتدخل الأجنبي المتمثل في محاولات إيران زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وتحقيق أطماعها وجهودها المحمومة للتأثير على الملاحة الدولية وتهريب السلاح للمتمردين الحوثيين.. ولا شك في أن نجاح المملكة في الوصول بالبلدين الجارين لتوقيع اتفاقية السلام هو ثمرة لتزايد الاهتمام السعودي بالعلاقات مع الدول الإفريقية الذي توجه بتكليف السفير أحمد قطان وزير دولة للشؤون الإفريقية، وما تبع ذلك من جهود دبلوماسية وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية ومشاريع الاستثمار، ومنها تدشين محطة طاقة شمسية في محافظة كيب تاون الجنوب إفريقية قيمتها حوالي 350 مليون دولار، إضافةً لما قامت به المملكة من تشكيل مجالس تعاون إستراتيجي مع العديد من الدول الإفريقية لتوثيق العلاقات والروابط المشتركة، وكذلك الزيارات التي قام بها وزير الخارجية إلى عدد من الدول الإفريقية واللقاءات التي عقدها مع الزعماء الأفارقة أثناء انعقاد القمة الإفريقية الأخيرة في أديس أبابا. ويأتي تحرك الدبلوماسية السعودية إدراكًا من المملكة إلى أهمية العلاقات مع دول القارة السمراء، وضرورة تنمية التعاون المتبادل القائم على المصالح المشتركة للجانبين، حيث يحتاج الجانب الإفريقي إلى دعم المملكة لحفظ التنمية الاقتصادية في هذه البلدان من المساعدات التي تلبّي احتياجاتها في جوانب أخرى، ومنها التعليمية والأمنية وغيرها، ولذلك فإن المساعدات المباشرة والاستثمار والتبادل التجاري سوف يكون لها الانعكاس الملموس على توثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية وصولًا إلى الاستجابة للجهود السعودية لتحقيق الأمن والسلام، وتحسين العلاقات بين دول المنطقة، وهو ما تجلّى في اتفاقية السلام الإريترية الإثيوبية، وما يبشّر به من التجاوب مع الجهود السعودية مستقبلًا في أية جهود لتحسين العلاقات بين دول المنطقة والإقليم. وانعكاس ذلك على العلاقات العربية الإفريقية كافة، وتأييد إفريقيا للقضايا العربية، والعودة لتنسيق المواقف في القضايا التي تهمّ الجانبين في المحافل الدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وإحلال السلام العادل في المنطقة وكلها نجاحات تعزز دور المملكة في العالم والمنطقة «بإذن الله». [email protected]