ثمن عدد من الخبراء في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في توقيع اتفاقية السلام بين إثيوبيا وإريتريا، منوهين بأنها تؤكد الدور الكبير للمملكة في خدمة قضايا السلام بالعالم قاطبة وليس في الوطن العربي فحسب، وشددوا على أن «اتفاقية جدة للسلام» تعيد الهدوء والاستقرار إلى منطقة القرن الإفريقي بعد توتر استمر نحو 20 عاما. وقال خبير الشؤون الإفريقية عطية عيسوي: إن «السياسة الخارجية السعودية تحقق نجاحات لافتة، ومن دون شك من بينها اتفاق جدة للسلام لدفع إثيوبيا وإريتريا لإنهاء الحرب المشتعلة بينهما منذ أعوام والتي كانت تهدد أمن واستقرار القارة الإفريقية لا سيما منطقة القرن الإفريقي خاصة المطلة منها على مدخل البحر الأحمر». وأضاف عيسوي: «إن الرؤية السعودية بعيدة النظر تعتبر منطقة القرن الإفريقي عمقا استراتيجيا لخطواتها الفاعلة نحو إنهاء الأزمة اليمنية، حيث إن دولاً تريد استمرار الفوضى لتهريب الأسلحة والصواريخ إلى ميليشيا الحوثي لكي تواصل دورها المتآمر في تقسيم اليمن، فضلا عن استغلال حالة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا». وشدد عيسوي على أن تأمين البحر الأحمر بات ضرورة ملحة ليس لدول القارة الإفريقية فقط ولكن أيضا لدول الخليج، وهنا برز الدور السعودي في هذا الملف الشائك خصوصا في ظل تهديدات دول مثل إيران باستهداف ناقلات نفط أو محاولة العبث بأمن واستقرار هذا الممر الملاحي المهم، إضافة إلى تنامي دور خطر لعدد من الجماعات الإرهابية والمتطرفة مثل داعش والقاعدة وغيرهما والتي يمولها عدد من الدول التي تسعى لخراب المنطقة العربية، فضلا عن منع تشكيل بؤر إرهابية جديدة في محيط هذه المنطقة بعد توجه عدد من الإرهابيين الفارين من سوريا والعراق وغيرهما نحو الصومال ومالي. ويرى الخبير في الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د. هانى رسلان أن الوساطة السعودية، لعبت دورا تاريخيا وإيجابيا للغاية في الدفع إلى حالة التقارب في القرن الإفريقي، مشيرا إلى أن هذه الخطوة لا تقتصر على اتفاقية السلام بين إثيوبيا وإريتريا، بل ستغير في الأوزان الاستراتيجية في المنطقة عامة، إذ قد تمتد لتكوين تحالف قوي في القرن الإفريقي تنضم إليه الصومالوجيبوتي من أجل إرساء الاستقرار في المنطقة. وأوضح أن اتفاقية «جدة للسلام» تأتي تأكيدا لخطوات سابقة في مسار السلام بين إثيوبيا وإريتريا، لكنها نقلتها إلى حيز التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، ووضع القضية في طريقها الصحيح بعد فترة من الضبابية وعدم الوضوح في المواقف. وشدد رسلان على أن الاتفاق الإثيوبي الإريتري يضمن الأمن في منطقة القرن الإفريقي ومن ثم الاستقرار في البحر الأحمر، ويجهض أية محاولات تهديد دول مثل إيران وقطر وتركيا لسلامة الملاحة في هذا المجرى الملاحي الدولي، بعد تورطها في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية في محيط هذه المنطقة لإيجاد موطئ قدم لتهديد الوطن العربي عامة ودول الخليج خاصة. وأضاف رسلان: «هذا الاتفاق سيدفع جيبوتي لإدراك خطورة خلافها مع عدد من الدول من بينها الصومال، أي أنها إذا لم تلحق بقطار السلام، ستنعزل وستكون هناك بدائل لموانئها ما سيكبدها خسائر كبيرة، والسعودية تبذل جهودا كبيرة للتقارب الجيبوتيالصومالي في إطار تسوية شاملة لأمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي». وفي السياق، ثمن خبير العلاقات الدولية د. جهاد عودة التحركات السعودية لحل عدد من القضايا العربية والإفريقية، مشيرا إلى أن الاتفاق بين إريتريا وإثيوبيا يعد خطوة جادة، ويعطي مؤشرا لإمكان إنهاء الصراعات فى القارة الإفريقية عبر التفاوض السلمي، بما يخدم الاستقرار والتنمية الاقتصادية في القارة التي عانت طويلا من الحروب، مؤكدا التأثير الإيجابي لهذا التصالح على الأمن في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، كما أنه سيحد من الخطر الإيراني القطري في المنطقة ويجهض مؤامرات تأجيج الصراعات والإضرار بمصالح الدول العربية.