ضرب رجال أمن الحج في حج هذا العام أروع الأمثلة في التسابق لخدمة ضيوف الرحمن بالمشاعر المقدسة والحرمين الشريفين، بعد أن تحمّلوا مسؤولية عظيمة تجاه ضيوف الرحمن وحمايتهم، وتقديم يد العون لهم وتوفير كل ما يمكنهم من أداء نسكهم في أمن وأمان وروحانية وسكينة. ورصدت عدسة «اليوم» منذ بدء نفرة الحجيج إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية وحتى انتهائهم من أداء النسك، عِظم هذه المسؤولية وتعدد المهام والأدوار التي يضطلع بها رجال الأمن في موسم الحج، والتي لم تطغَ على الجانب الأمني فحسب، بل صاحبته أدوار متعاظمة منهم في تغليب الجانب الإنساني، بالمعاملة الحسنة، لضيوف الرحمن، التي تتجلى في صور متعددة في كل مكان من مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، فهذا رجل أمن يضبط الأمن ويسهر على راحة ضيوف الرحمن، والآخر ينظم الحركة المرورية في الطرق بين مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، وما على الحجيج إلا توثيق هذه الجهود لنقلها إلى شعوبهم والعالم. ولا يغيب عن نظر أي حاج ما يقدّمه رجال الأمن في موسم الحج من أعمال ومبادرات ذاتية لخدمتهم تفيض بها شوارع المشاعر المقدسة، لتكون كل صورة رجل أمن يحمل مسنًا، مثل الأنهار تُنهل منها المعاملة الحسنة ما يدل على التمسك بتعليم ديننا الحنيف. وفي مشاعر الحج (عرفات، مزدلفة، ومنى) يمتد نظرك إلى آلاف الجنود، وهم يقومون بتأمين وسلامة الحجيج، ويضربون أروع الأمثلة في نقاء التعامل بشتى صوره، وبابتسامة جميلة يصغي فيها لأسئلة الحجيج المتكررة ليقابلها باحترام خصوصًا وجود الكثير من اللغات، وانطلاقًا من مبادئ الدين الحنيف لحسن استقبال ضيوف الرحمن، بينما آخر يأتي بمظلة يقرّبها إلى حاج أعيته الشمس بحرارتها الملتهبة، وآخر يرش الماء بيد على وجوه الحجيج وبيده الأخرى يحرك قصاصة كرتون جعل منها مروحة هوائية للتبريد عليهم وتهويتهم، والابتسامة لا تفارق وجهه، بينما الآخر يلتفت بسرعة إلى مصدر صرخات أمٍ بين الكتل البشرية قد احترق قلبها ألمًا على طفلها الذي دهمته موجة ضيق في التنفس؛ بسبب كثافة الحجيج، وضاقت بها الخيارات لإنقاذه طفلها، يحتضنه بين يديه ويهرول به نحو الأطباء، في سبيل إجراء الإسعافات الأولية له. وما هذه إلا مشاهد تتدفق كل عام في المشاعر المقدسة، وقد ارتبطت ذاكرة الركن الخامس من الإسلام برجل الأمن وما يقدّمه لضيوف الرحمن من أعمال تدرّس. وقبل أن يبدأ موسم الحج في كل عام يستعيد شريط الذاكرة مثل هذه الصور من الحج السابق، وقد نال مبادرات إنسانية يقدمونها للحجيج، كما كان بين آلاف المشاهد صور لالتفافٍ مهيب لعشرات رجال الأمن وهم ينتشلون رجلًا كبير العمر، وسيدة طاعنة في السن في زحام الجمرات؛ ليتم مساعدتهما على رمي جمارهما، وكل ما قيل غيض من فيض.