أكبر تجمع إسلامي في المشاعر المقدسة.. ملايين الحجيج يأتون كل عام لأداء فريضة الحج من كل فجٍّ عميق، تتفانى معهم منظومة الخدمات الحكومية والأهلية المتكاملة للتيسير عليهم، وتذليل العقبات أمامهم؛ لأداء مناسكهم في كل يسرٍ وسهولة، ويكمن بروز أبطال الحج من رجال الأمن السعودي في تشكيل أكبر لوحة في العمل الإنساني إلى جانب أعمالهم الرسمية في الأمن وتفويج الحركة وضبط إيقاع تنقلات الحجيج دون تدافع أو تعارض. كما يُحول هؤلاء الأبطال أجواء الحج الملتهبة بدرجات حرارة زادتها الجبال المحيطة سخونة، إلى أجواءٍ روحانية منها نسائم العمل الإنساني وحسن التعامل الراقي مع ضيوف الرحمن، التي بلا شك تزيد من جرعات تطبيع القيم الإسلامية السامية لكثيرٍ من هؤلاء الحجيج؛ لتكون محطات تجارب عملية لهم، يطبّقون منها ممارسات التكاتف الاجتماعي والعمل الإنساني حين عودتهم إلى أوطانهم ومجتمعاتهم وينقلون صورة جميلة. ولا يغيب عن نظر أي حاج ما يقدمه رجال الأمن من جهود في موسم الحج من أعمال ومبادرات ذاتية لخدمتهم وراحتهم تتزين بها شوارع المشاعر؛ لتكون كل صورة رجل أمن يحمل مسنًّا أو طفلًا مُنهكا أو يرشده، مثلًا تثبت منه المعاملة الحسنة لأخلاق رجال الأمن. وساهمت وسائل الإعلام المتقدمة والحديثة كالتواصل الاجتماعي في نقل الرسالة في أسرع وقت وتمت الاستفادة من هذه المحطات لتكون محط أنظار العالم أجمع لشدة الانبهار بها ومحاولة تطبيقها والاستفادة منها للأجيال القادمة. وفي مشاعر الحج بعرفة أو في مزدلفة ومنى تتجه الأنظار إلى آلاف الجنود، وهم يستبسلون في تأمين وسلامة الحجيج، ويضربون أروع الأمثلة في حسن التعامل بشتى صوره وبابتسامة جميلة يصغي فيها لأسئلة الحجيج المتكررة ليقابلها باحترام؛ انطلاقًا من مبادئ الدين الحنيف لحسن استقبال ضيوف الرحمن، بينما آخر يأتي بمظلة يقرّبها إلى حاج يبعد عنه الشمس بحرارتها الملتهبة، وآخر يرش الماء بيده على وجوه الحجيج وبيده الأخرى يحرّك قصاصة كرتون جعل منها مروحة هوائية للتبريد عليهم والتهوية. وما هذه إلا مشاهد تتدفق كل عام كالسيل في أودية عرفات ومزدلفة ومنى، وقد ارتبطت ذاكرة الركن الخامس من الإسلام برجل الأمن وما يقدمه لضيوف الرحمن. وكان لكبار السن والعجزة النصيب الأكبر من تدفُّق هذه الأنهار الإنسانية؛ إما بدفع عرباتهم المتوقفة أو بمساعدتهم للوقوف على أقدامهم والتحوّط حولهم لصد تدافعات الحجيج عنهم، وفتح علب مياه لهم وتقريبها من شفاههم اليابسة لتبتل عروقهم ويذهب الظمأ وتتحول النظرات العابسة إلى نظراتٍ معشبة. كم هي عظيمة هذه الدروس وكم هو مهيبٌ موقف رجل الأمن السعودي.. بهذه الجملة بدأ الحاج حمدي من مصر وهو مبتهج بهذه الصور التي يلتقطها فاض بها ملف الحفظ في جواله، ويقول: "نحن لا شيء مع ما يقدمه هؤلاء الأبطال أمام حرارة الجو وزحمة الحجاج"، متسائلًا عن كم هي الجمل والتجارب التي ستؤثر في هؤلاء الحجيج عند عودتهم لأوطانهم بهذه الصورة التي سوف تكون عالقة في أذهانهم. الحاجة "عائشة" من مصر: لفت نظري رجل أمن سعودي من شدة الحر والتعب كنت أبحث عن ماء للشرب فسألت أحد رجال الامن فإذا به يأتي بالقارورة التي في يده ويقول تفضلي يا أمي دمعت عيني عندما كان يقول لي يا أمي هذا درس من التربية والاحترام في مكان عظيم تمنيت أن يكون ابني في هذا المكان لخدمة حجاج بيت الله الحرام. في حين أشار عدد كبير من الحجاج الى أنهم يقفون عرفانًا لهؤلاء البواسل، ويشكرونهم على جميل التعامل وحسن المعاملة، مؤكدين أن هذا من صلب تعاليم الدين القويم. وهم معتادون من رجل الأمن هذه الدروس والقيم السامية.