التطورات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، مثل تأسيس مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية و«نيوم»، وغيرها من التطورات الاقتصادية الهائلة يجعل من المملكة بيئة مناسبة ومثالية لتطوير ممتلكات التجارة الإلكترونية التي لا تختلف عن تطوير المدن الاقتصادية على الأرض، إذ يهدف كلاهما إلى جذب الاستثمار الأجنبي، وتحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز التكامل في السوق. وتُعد التجارة الإلكترونية اليوم محركا اقتصاديا رئيسا في كثير من اقتصادات العالم، وتفوقت فيه على متاجر التجزئة التقليدية في الكثير من الصناعات وألغت بعضها. ومن هذا المنطلق تعي حكومة المملكة أهمية إيجاد مجلس للتجارة الإلكترونية، وهو ما وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرا لإيجاد بيئة محفزة وجاذبة للاستثمار وتنويع القاعدة الاقتصادية وتحقيق اهداف الرؤية. ومن المهم الاستفادة من تجارب من حولنا خصوصا من يقودون هذا السوق ولديهم تجربة غنية ومثرية، ولعل أبرزهم مجموعة «علي بابا» الصينية و«أمازون». ولو أخذنا مثالا على مجموعة «علي بابا» التي تقوم على ثلاثة نماذج في أعمالها سنجدها تحولت من قوة إقليمية إلى قوه عالمية، ليس فقط في التجارة الإلكترونية والخدمات المالية بل أيضا في تجارة التجزئة. ويصنف موقع تاوباو التابع للمجموعة ضمن أكثر ثمانية مواقع زيارة بالعالم بأكثر من 500 مليون مستخدم يشترون 5 آلاف منتج بالدقيقة، من ضمن مجموعة تضم أكثر من 800 مليون منتج، متفوقا على أمازون الذي يعرض 260 مليون منتج فقط. وبلغت مبيعات «يوم العزاب» أكثر من 25.3 مليار دولار كأكبر مبيعات بيوم واحد وهو ضعف مبيعات Black Friday وCyber Monday مجتمعين. هذا الكم الهائل من العمليات يحتاج لنظام متكامل من جميع النواحي سواء الموثوقية او التواصل او العمليات المالية او الخدمات اللوجستية وما يدخل في دائرتها من البنية التحتية الأساسية والتنظيمات والتشريعات ذات العلاقة. كل ذلك يشكل أهمية شديدة لمجلس التجارة الإلكترونية بالمملكة، كما ان لدى المجموعة تجربة فريدة في نموذج الأعمال الخاص بها وهو موقع Tmal الذي يضم أكثر من 14500 علامة تجارية قائمة من 63 دولة. ولو استنسخنا مثل هذا النموذج سيكون جاذبا قويا للشركات الأجنبية. وسيسهم في تعزيز سمعة التجارة الإلكترونية بالمملكة بالنسبة للشركات التي نتطلع لجذبها لمدننا الاقتصادية. لذلك المملكة تحديدا من أكثر الأسواق قدرة على النمو في مجال التجارة الإلكترونية وتأسيس مجلس التجارة الإلكترونية سيعزز ويسرع في عجلة هذا النمو.