يظهر حب الناس الحقيقي وغير المصطنع في ساعات فرحك وساعات ترحك! ففي هذه المواطن التي يكون فيها الإنسان بحاجة لمن حوله، تظهر المشاعر الحقيقية وتنزوي المزيفة، والمشاعر الحقيقية المبنية على أسس سليمة هي الأهم والتي تستحق المراهنة عليها! لماذا؟! لأنها صادقة غير متلونة، فإن كان الكذب حبله قصيرا والمشاعر المبنية عليه قصيرة ومتغيرة، فإن الصدق راسخ والمشاعر المبنية عليه متينة وقوية! ولأنها دافع للنجاح والعطاء، فعندما تأتي التغذية الراجعة من خلال مشاعر راقية وكلمات نبيلة يدفع هذا الإنسان للمزيد من التميز والعمل والعطاء! ولأنها باقية لا تتغير بتغير المصالح كما هي مشاعر أصحاب المصالح! ولأنها وسيلة لنيل دعواتهم، وهنيئاً لمن يُدعى له، وأعان المولى من يُدعى عليه! أما كيف نراهن عليها ونسعى لها؟! أولاً: بالسعي لرضا الله سبحانه، ففي الحديث النبوي يقول المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- «من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس» وثانياً: بنقاء القلب فالناس لا تحب إلا الأنقياء، ومن أصلح سريرته أصلح الله له علانيته! وثالثاً: بالمحافظة على ما أحبك الناس من أجله، وهو في أغلب الأحيان العطاء، ولذلك لا بد من الاستمرار في البذل والعطاء مهما كانت المعيقات والمعوّقون (بكسر شدة الواو وفتحها)! ورابعاً: بالحرص على أن تكون في إطارها السليم، فمحبة بعض البشر قد تكون لنا لا علينا، من أحبك؟ ولماذا أحبك؟ سؤالان يتضح من جوابهما نوع هذا الحب وكونه صادقاً وسليماً أم عكس ذلك! في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنهم مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجبت» ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وجبت» فقال الفاروق عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: ما وجبت؟! فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: «هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار؛ أنتم شهداء اللَّه في الأرض» اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقرب إلى حبك.