كل منا سمع بالخبر المفجع الذي طالعتنا به الصحف والمواقع الإخبارية يوم السبت عن حادثة حريق مدرسة براعم الوطن الواقعة في حي الصفا بمدينة جدة.. هذا الحادث المؤلم الذي راح ضحيته المعلمتان الفاضلتان: ريم النهاري وغدير كتوعة.. بعد أن ضربتا لنا أروع الصور في التضحية والإيثار في هذه الحادثة.. وهذا ليس بغريب على هاتين المعلمتين اللتين عرفتا بدماثة الأخلاق والتمسك بتعاليم الإسلام.. بل وحفظ كتاب الله. لكن أحببت أن أقف وقفتين مع هذه الحادثة المؤلمة: الوقفة الأولى: أن على الإنسان أن يستعد لفراق هذه الدنيا في أي لحظة بالأعمال الصالحات وألا يسوف في التوبة إلى الله لأنه لا يدري متى سيوافيه الأجل وفي أي لحظة وفي أي مكان.. فريم وغدير كعامة الناس خرجتا من بيوتهما للعمل وهما يظنان أنهما سيرجعان إلى بيتهما لكن جاءهما الأجل في مكان العمل، وكما قال الله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) النساء 78. الوقفة الثانية: أن على الإنسان أن يخلد له ذكر حسن في حياته وبعد مماته وذلك بعمله للصالحات وتحلّيه بالأخلاق الحسنة كالإيثار والتعاون وحب الآخرين وغيرها من الأخلاق الحسنة.. التي توجد لك ذكر في الحياة وبعد الممات.. وقد ضربت لنا كل من ريم وغدير أروع الأمثلة في التضحية والإيثار والعطف على الصغار نذكرها هنا لعل الله بشهادتنا أن يكتب لهن الجنة بإذنه كما روى البخاري في صحيحه عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: (مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا وَجَبَتْ قَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ). هاتان وقفتان أحببت أن أذكر نفسي وإياكم بهما.. لنستعد للقاء الله بالأعمال الصالحات وأن نخلد لنا ذكرا حسنًا في الحياة وبعد الممات. رحم الله ريم وغدير.. وأسكنهما جنات تجري من تحتها الأنهار.. وألهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. (إنا لله وإنا إليه راجعون). سالم عبدالمجيد البيض - جدة