لم يصغ إلى الدمع يوما .. وكان يركض مع الوقت .. كلما قالوا انتهى .. نصب لهم كمينا .. هز به شباكهم واشتعل من جديد .. ليبقى هو .. ويرحل المتصيدون .. الا انه منظره في ليلة البارحة كسر الخاطر وكأنه يبكي من غير دمع ..!! وفي هذه المرة .. تبدد في الصمت .. كأنه يقول لعشاقه "في الليلة الظلماء يفتقد البدر" ..!! تمتم بكلمات تشبه تماما لغة الغيوم في كبد السماء .. تحدث لكنه لم يقل شيئا .. وترك خلفه لغزا ..!! ترنحت تلك المقولة في منازلة هجر .. لكنها لم تطف على السطح .. وبلعتها الجماهير الزرقاء على مضض .. وحجزتها عبر ألسنتها تراوح بين شفتيها .. وما بين مد وجزر أطلقتها بسرعة صاروخ "سكود" بعد ثنائية زلزال الشباب وبركان الرائد .. !! ليلة "اولسان" تذكر فيها الهلال حقيقة هي "ليس كل نجمة في السماء تبرق" .. وبصم فيها البعض بالعشرة ان مكانة القناص ياسر في الهلال ليست فقط فنية بل هي في المقام الأول معنوية .. !! ياسر .. لم تكتب بعد السطر الأخير , ولم تجف محبرتك , وقصيدتك التي كتبت مطلعها في الساحل الشرقي لم تكتمل حتى الآن وسينبش جمهور الهلال على أثرها في رمل "لو" هذا الموسم كلما تعرض فريقهم لهزة قوية .. فلو لم يغب ياسر لكان الوضع أفضل .. فجمرة العشق بينه وبين أنصار الأزرق مشتعلة حتى قبل الانتكاسة أمام اولسان .. فما بينهما شوق لا ينتهي .. ولغة فرح لا تنسى .. وسهم صوبه القناص في قلوب جماهيره .. لم تنتزعه لا استراحة محارب عن هز الشباك .. ولا فشل في تحقيق الألقاب .. هو عشق من نوع خاص يصعب أن يستبدل بأي نجم آخر حتى ولو كان من بلاد السامبا ..!! أتعبهم في مسيره .. فكلما جهزوا الاحتفالات لانطفاء وهجه .. وطي صفحته .. وتواري نجوميته .. أخمدهم فجأة بسهامه التي لا تخطئ.. وفي الوقت المناسب لقلب الطاولة ..!! الفرنسي كومبواريه خرج على عشاق الزعيم لطمأنتهم بعد اصابة القناص في التدريب الاخير قبل موقعة اولسان بان لديه اكثر من ياسر .. لكن هيهات ان يكون هناك نجم بحجم ياسر في الهلال !! سيركض في العشب الأخضر من جديد , وسيعود قناصا وهدافا , وسيوقف سيل الرصاص المنهمر المتجه نحوه, وسيحدث برقا , ويهطل مطرا في الشباك! يا له من بطل همام .. لم يستسلم لصبوات الحرف المتخلفة ..وجمرة اللفظ الخارجة عن النص .. لم تنل منه , هو هكذا شامخ لم ينحن للريح , ولم تكسر مجاديفه في بحر النجومية , ولحنه وعزفه ما زالا يختلجان القلوب , وسيف توهجه متجدد في العشب الأخضر , وما بين الخشبات الثلاث .. إنه يكرر بصوت مرتفع أنا هنا حتى وهو غائب عن الأزرق .!! سيعود من جديد .. هكذا يقرأه الجميع .. نهرا ممددا في هز الشباك , والذاكرة لا تغيب محليا وخليجيا وعربيا ودوليا .. هكذا أيضا راهنت عليه بنفس الكلمات في وقت سابق .. ولم يخب ظني....!! مساكين .. ولكن هذه المرة لا أعرف أقولها لخصومه أم أنصاره .. لم يفكروا في يوم من الأيام .. ان صناعة النجم العصامي الذي ولد وليس في فمه ملعقة من ذهب .. من الصعب ان يهرول خارج الضوء مهما تكالبت عليه المحن .. إنه ياسر القحطاني الذي قطع ألف ميل وميل ليصل إلى ما وصل إليه .. بعصامية فريدة من نوعها .. !! البعض لامني كثيراً عندما وصفت ياسر بانه ترمومتر الهلال فاذا حضر وكان في يومه تجلى الهلال بدراً في سماء التألق واسعد عشاقه وجماهيره ، واذا اختفى وتوارى القناص لم تجد للهلال اثرا !! ياسر .. لم تكتب بعد السطر الأخير , ولم تجف محبرتك , وقصيدتك التي كتبت مطلعها في الساحل الشرقي لم تكتمل حتى الآن , ولوحتك الزاهية التي نافست بها "سلفادور دالي" مازالت بحاجة لألوان فرح تدخلها على جمهورك الذي تخطى حدود الوطن .. فماذا أنت فاعل .. هل تستسلم أم تنتفض من جديد ؟