بين الوافدين والسعوديين قديمة ومتجددة في كل حين. الوافد لا يريد أن يخسر وظيفته والسعودي يريد أن يحصل على وظيفة كريمة في بلده بعد تأهيله وجاهزيته لهذه الوظيفة. الوافد يقاوم بكل الوسائل والسعودي يحاول، أيضاً بكل الوسائل، أن يُقنع هذا الوافد، الذي أدى مشكوراً ما عليه واستفاد كما يستحق، بأن لا شيء يدوم على حاله، وأن أبناء وبنات البلد أولى بوظائفها. وفي سياق هذه الحرب الضروس وصل الحال بأحد الوافدين أن يستغل تصرفاً فردياً لموظف في الشركة فيعلق على مكتبه أن الموظف (السعودي) غائب.!! أي أن أسلحة المعركة التي تدور رحاها منذ عقود تطورت إلى درجة أن موظفاً وافداً يخبر زبائن الشركة بإعلان مباشر أن لو كان مكان هذا السعودي أجنبي ما غاب عن وظيفته؛ وبالتالي فإن ما أراد قوله هو: اشربوا من توظيف السعوديين. طبعاً هذا تصرف فيه تجن وتعسف كبير لكنه بالتأكيد صدر عن موقف شخصي لهذا الوافد تجاه كل ما هو سعودي يزاحم على الوظائف ويطالب بها لنفسه. المشكلة أن الوافدين، أو لنقل أغلبهم، اعتبروا وظائفهم في المملكة حقاً مكتسباً يُفترض ألا يؤخذ منهم أو يزاحموا عليه حتى من أبناء البلد. وهذا، في كل الدنيا وليس في المملكة فقط، غير صحيح. في جميع دول العالم الأولوية في الوظائف دائما للمواطنين متى ما كانوا مؤهلين وأكفاء لشغلها، لأن كونك، على سبيل المثال، مصريا في مصر أو لبنانيا في لبنان أو هنديا في الهند لن يسمح لسعودي أن يأخذ وظيفتك وأنت ابن البلد والأحق بخيرها ومصادر الرزق فيها. بل إن بعض الدول تعطي الوظائف لبعض مواطنيها من غير المؤهلين لأنها ترى، بغض النظر عن تأهيلهم وكفاءتهم، أنهم أحق بها من غيرهم من الوافدين. لذلك أرجو أن يتفهم الوافدون في المملكة أحقية أبنائها وبناتها بوظائفها. وأن يفهموا، أيضاً، أن بلدنا تكتظ الآن بالمؤهلين من مواطنيها ومواطناتها الذين يحملون أرفع الشهادات الجامعية والعليا، وأن بعضهم يتمتع بهمة وخبرات ممتازة تؤهله فوراً لشغل هذه الوظيفة أو تلك، عدا أن السعودي أصبح أكثر استعداداً لشغل وظائف ومهن كان يتعفف عنها سابقاً لأوهام اجتماعية أو شخصية. وبالتالي نحن إزاء حالة سعودية جديدة تفرض نفسها ولن تنفع معها المقاومة والتعسفات. ma_alosaimi@