دأبت المملكة والدول العربية والإسلامية على إسداء النصائح تلو النصائح للنظام الإيراني بالتوقف عن سياساته الإرهابية، من خلال تدخله السافر في شؤون دول المنطقة ودعمه اللا محدود لظاهرة الإرهاب ومد الإرهابيين بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الصواريخ الباليستية والكف عن مناصبة القرارات الأممية ذات العلاقة بأخطائه الفادحة العداء، غير أنه لم يعر تلك النصائح اهتماما وظل سادرا في غيه بممارساته التعسفية مع شعبه ومع دول المنطقة ومع العالم. وإصرار النظام على تحديث وتطوير أسلحته التدميرية الشاملة ورغبته المحمومة في امتلاك القنبلة النووية ليخيف ويهدد بها دول الجوار ودول المنطقة والعالم؛ أدى إلى إعلان الإدارة الأمريكية انسحابها من الاتفاقية النووية الإيرانية، وهذا يعني فيما يعنيه أن النظام بدأ بعد هذا الانسحاب بدفع ثمن سياسته الإرهابية في المنطقة ليس من خلال تصدير ثورته الدموية ذات الطابع الإرهابي إلى كثير من أقطار وأمصار العالم فحسب بل لتماديه في تحدي المجتمع الدولي واستمراره في تطوير أسلحته النووية. وهذه التصرفات الطائشة من قبل النظام وضعته وجها لوجه أمام مواجهات محتملة ليس لفرض عقوبات اقتصادية إضافية عليه فحسب، بل قد يتطور الأمر الى مواجهة عسكرية وإلى إدخال دول المنطقة في معمعة من الأزمات، لا سيما أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني خلف سلسلة من التداعيات على الساحات اللبنانية والسورية واليمنية والعراقية، وجاء متزامنا مع تصعيد إسرائيلي ضد طهران وردود فعل عليه ينذر بمخاطر وخيمة على استقرار المنطقة وأمنها. لقد جاء التصعيد من الطرفين من خلال سعيهما لإظهار قوتهما العسكرية، ورغم أن الأمور ليست واضحة حيال مواجهات محتملة بين الطرفين إلا أن ما يلوح في الأفق يشير الى أن مواجهات شاملة قد تحدث في المنطقة، حتى وإن سعى الحلفاء الأوروبيون لوضع صياغة لاتفاق جديد عوضا عن الاتفاقية النووية الإيرانية في محاولة لتحجيم أنشطة النظام الإيراني العدوانية ضد دول المنطقة وإيقاف تطوير برامجه النووية والصاروخية. وليس بخاف أن ما يظهر على سطح الأحداث المحتدمة بين الإدارة الأمريكيةوطهران ينذر بمواجهة عسكرية، غير أن ذلك يدفع للقول بأن العقوبات الاقتصادية المتوالية ضد النظام الإيراني والانسحاب من الاتفاقية النووية الإيرانية يمثلان عقوبة صارمة يدفع النظام ثمنها في الوقت الراهن؛ جراء سياساته الإرهابية الملطخة بدماء الأبرياء من ابناء دول المنطقة والعالم، وهي سياسة مرفوضة لا بد من ردعها والحيلولة دون استمراريتها. بعد الانسحاب الأمريكي المعلن من تلك الاتفاقية فإن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة هي من أخطر مراحلها على الإطلاق من ملامحها الواضحة احتمال صدام عسكري بين إسرائيل والنظام، وما سوف يخلفه هذا الصدام إن حدث من تداعيات لا تقل خطورة على الأراضي السورية والعراقية واليمنية، ومن تداعيات قد تطال بعض دول المنطقة، وهو أمر لا بد من تلافيه قبل وقوعه.