استحوذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران على اهتمام الصحف العالمية الصادرة أمس والتي أفردت لها عدة صفحات، وتباينت ردود الفعل حيال القرار، حيث ركزت الصحف الأميركية على إمكانية عودة إيران إلى طاولة المفاوضات بالإضافة إلى النتائج الاقتصادية التي ستنتج عن هذا القرار، بالإضافة إلى عيوب الاتفاق النووي ونشاط إيران الإرهابي في المنطقة، فيما ركزت الصحف البريطانية على ردود الفعل المتحفظة على القرار المنشق عن حلفاء أميركا في أوروبا. التايمز ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقَّع أمرا بالبيت الأبيض أول من أمس يسحب الولاياتالمتحدة من الصفقة النووية الإيرانية، ويصف البلاد بأنها الراعي الأول في العالم للإرهاب. وتعهد بفرض «أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية» ضد طهران، في تحرك قوي كان قد انشق عن حلفائه الأوروبيين. وأضاف الرئيس الأميركي أن الاتفاقية الدولية جعلت «طموحات النظام الدموية» أكثر وقاحة، وأن جميع العقوبات التي تم رفعها من خلاله ستتم إعادة فرضها. وقال: من الواضح لي أنه لا يمكننا منع قنبلة نووية إيرانية في إطار البنية المتعفنة والفاسدة للاتفاق الحالي. وجاءت افتتاحية صحيفة «التايمز» بعنوان: الخيار النووي. وقالت الصحيفة إن قرار ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، يُعد «مخاطرة كبيرة». وأضافت أنه ليس أمام أوروبا إلا أن تكون على مستوى التحدي والعمل على تحضير اتفاق جديد. وتابعت بالقول إن قرار ترمب بالانسحاب من هذا الاتفاق لم يكن مفاجئا على الإطلاق. ورأت الصحيفة أنه ليس أمام إيران إلا العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يتضمن بنودا أفضل، مشيرة إلى أنه في حال صدق كلام ترمب، فإن ذلك يعتبر نصرا غير متوقع لأسلوبه الدبلوماسي.
الإنديبندنت في مقال تحليلي سلَّطت صحيفة «الإنديبندنت» البريطانية الضوء على تداعيات قرار ترمب على منطقة الشرق الأوسط، فقالت: في حال فشل الاتفاق بعد انسحاب أميركا فإن إيران قد تشجِّع بعض ميليشياتها الشيعية على شن هجمات ضد القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. أما في لبنان، فإن «حزب الله» الذي يحصل على دعم إيراني لبناء صواريخ موجهة بدقة لتجديد أنظمة صواريخ طويلة المدى، فق يؤدي فشل الاتفاق إلى عدة عواقب، منها عزل معارضي «حزب الله» في لبنان، الأمر الذي قد يزعزع استقلال البلاد.
الجارديان نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية مقالا تحليليا لباتريك وينتور بعنوان: هل الاتحاد الأوروبي في أزمة بشأن تحدي الولاياتالمتحدة أم لا؟ وقال كاتب المقال إن قادة الاتحاد الأوروبي عازمون على محاولة إنقاذ الاتفاق النووي الموقع مع إيران حتى ولو أدى ذلك إلى صدام مع الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أن هذا الأمر «سيتضح مع مرور الوقت»، مضيفا أنه سيعتمد على رد فعل الشركات على الوضع الجديد، وكيف ستحاول أميركا معاقبة الشركات التي تتعامل مع إيران. وختم بالقول إن «القادة الأوروبيين أمام مفترق طرق، إما المخاطرة بحدوث اضطراب في منطقة الشرق الأوسط أو تحدي أقرب حلفائهم بشأن سياسته الخارجية». نيويورك تايمز تقول الصحيفة: صحيح أن الاتفاق النووي الإيراني يحتوي على عيوب، لكن لدى وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قناعة بإمكانية علاجها. ولدى جونسون أيضا قناعة بأن إيران وحدها هي التي ستستفيد من التخلي عن القيود التي يتضمنها الاتفاق النووي. وفي هذه الحالة من الأفضل حماية الاتفاق من خلال إجراءات صارمة، وعلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد من إذعان طهران للاتفاق، وفي الوقت نفسه ينبغي العمل على التصدي لسلوك إيران العدواني في المنطقة. واشنطن بوست ترى الصحيفة أنه لن تكون أمام إيران، في ظل تطبيق إجراءات صارمة، سوى محفزات قليلة للعودة إلى طاولة المفاوضات. وإن إنهاء الاتفاق وإعادة فرض العقوبات وإعلان الولاياتالمتحدة عن معاقبة من ينتهكها، سيكون أمام الشركات والدول مهلة 180 يوما للامتناع عن شراء النفط الإيراني، ومن لا يفعل ذلك سيتعرض لعقوبات أميركية. ويرى بعض المتفائلين أن هذا السيناريو سيجعل إيران تعود لطاولة التفاوض. لكن هذا غير محتمل، علما أن دولا مثل فرنساوبريطانيا وألمانيا مستمرة في العمل بالاتفاق، غير أن سفير إيران في بريطانيا صرّح بأن انسحاب واشنطن يعني أنه لم يعُد هناك اتفاق. وربما تنتهز روسيا الفرصة وتجري اتفاقا خاصا بها مع إيران كي تُضعف الموقف الأميركي. وتشير الصحيفة إلى أن ترمب يستطيع حال إلغاء الاتفاق تجديد العقوبات، بحيث لا تشمل فقط البنك المركزي الإيراني، بل 400 شخصية ومؤسسة إيرانية. كريستيان سيانس مونيتور في افتتاحيتها أول من أمس، قالت الصحيفة إن إيران تشهد طوال الأشهر الستة الماضية احتجاجات بسبب معاناة الفلاحين من تداعيات الجفاف ومن النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، ومن الأقليات غير الفارسية، إضافة إلى احتجاجات تجار «البازار». ووصلت البطالة في إيران معدلات غير مسبوقة، وكثير من البنوك أفلست، وفقدت العملة الإيرانية أكثر من ثلث قيمتها، مما جعل السلطات الإيرانية تلقي القبض على من يشترون الدولار واليورو من السوق السوداء. وفرض النظام حظرا على تطبيق «تليجرام» الذي يستخدمه نصف الشعب الإيراني البالغ عدده 80 مليون نسمة. صحيح أن العقوبات الهدف منها احتواء النظام الإيراني، لكن النظام مُستلب بالفعل من خلال أخطائه وما يتكبده من كلفة باهظة جراء دعمه ل«حزب الله» و«حماس» والجيش السوري.
روسيا اليوم قالت الصحيفة: وقع الرئيس الأميركي مرسوما يقضي بانسحاب الولاياتالمتحدة رسميا من الاتفاق النووي مع إيران، وبإعادة فرض العقوبات التي رُفعت عن إيران بموجب ذلك الاتفاق. وأشار ترمب إلى أن الولاياتالمتحدة تتوافر لديها «أدلة مؤكدة تثبت أن النظام الإيراني ينتهك الاتفاق النووي». واعتبر أن «الشرق الأوسط سيمر بسباق للتسلح النووي» في حال تمديده الاتفاق مع إيران. وتعهد بأن بلاده ستفرض عقوبات اقتصادية على أعلى مستوى، وأن كل دولة ستساعد إيران في مساعيها للحصول على الأسلحة النووية قد تصبح أيضا عرضة لعقوبات قوية من قبل الولاياتالمتحدة، وقال ترمب «إن أميركا لن تكون أبدا رهينة للابتزاز النووي». مونت كارلو الدولية بثت إذاعة «مونت كارلو» الفرنسية إعلان مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، بشأن إعادة العمل بالعقوبات الأميركية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني سيسري فورا على العقود الجديدة، موضحا أن أمام الشركات الأجنبية بضعة أشهر «للخروج» من إيران. أما وزارة الخزانة الأميركية فأوضحت أن العقوبات المتصلة بالعقود القديمة الموقعة في إيران ستسري بعد فترة انتقالية من 90 إلى 180 يوما، وذلك بعيد إعلان الرئيس ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني. وأبدى بولتون أيضا استعداد واشنطن لمفاوضات «موسَّعة» حول اتفاق جديد مع إيران. دويتشيه فيلله طالب السفير الأميركي الجديد في برلين ريتشارد جرينيل مساء الثلاثاء بانسحاب الشركات الألمانية من إيران فورا. جاء ذلك بعد أن وقع الرئيس ترمب على قرار بخروج بلاده من الاتفاقية النووية. وكتب جرينيل على «تويتر» إن على الشركات الألمانية التي لها أنشطة في إيران أن «توقف فورا» هذه الأنشطة. وفي غضون ذلك قال اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية إن هناك شركات أوروبية قد تواجه عقوبات في الولاياتالمتحدة إذا وضع شركاؤها في الأنشطة الإيرانيين على قوائم العقوبات الأميركية. وقال رئيس قسم التجارة الخارجية بالاتحاد، فولكر تريير، إن «الشركات الأوروبية تواجه الآن عقوبات في الولاياتالمتحدة إذا، على سبيل المثال، انتهى الأمر بشركائها في الأعمال الإيرانيين على قوائم العقوبات الأميركية».