تظل تجربة الروائي عبدالحفيظ الشمري ماثلة بين تجربتي الفن السردي والعمل الإعلامي، فلم تطغ تجربة على الأخرى، حيث يبرع الشمري في اقتفاء حساسية هذين الخطابين بوصفهما إبداعا سرديا وعملا إعلاميا يكمل كل منهما الآخر. وقد ناهزت هذه التجربة ما يربو على ثلاثة عقود توجها في العديد من الأعمال السردية بين القصة القصيرة والرواية وقصص الأطفال في وقت يتواصل عطاؤه الإعلامي من خلال الصحافة بوصفه كاتب مقالة ، ولإستجلاء هذه التجارب الأدبية والإعلامية نجاذبه العديد من الأسئلة حول هذا المضمار الذي ركض فيه . إلى أيهما ينتسب ولاء الروائي الشمري .. للعمل السردي أم للعمل الإعلامي؟ - أزعم أنه ليس هناك فرق يذكر في هذا الولاء أو الانحياز للفن السردي أو للعمل الإعلامي، فكلاهما يقيناً يخدم الآخر ويكمل مسيرته، ولنا في الرعيل الأول من جيل الرواد في الكتابة حينما كانوا مثقفين وأدباء ومؤرخين ظلوا يمارسون العمل الصحفي والإعلامي في بداياته من منطق تجاربهم المعرفية ومنطلقاتهم الفكرية وهذه رؤية ربما تسند التجربة وتؤسس لمشروعيتها. هل تؤمن بتلك الرؤى التي تشير دائماً إلى وجود الكاتب الشامل أي أنه يكتب الشعر ولا يلبث ان يصير روائيا ؟ - لا أعتقد أن الأمر يستدعي الشمولية عند هؤلاء الذين ضربت بهم المثال في السؤال إلا أنني أجد أن هؤلاء يبحثون عن موطئ قدم لهم في خارطة العمل الأدبي والمعرفي، أي أنهم يتخبطون في تلمس مشروعهم . وأنا هنا في مسيس الحاجة للتأكيد على أهمية التخصص في الحقل المعرفي، وقد لا ينفي ما ذكرته تجويز الكتابة السردية في مجالاتها المختلفة فهذه الأعمال تدور في فلك واحد هو المشروع السردي الذي لا يختلط بأي نظم شعري أو هاجس فكري. ما تقييمك للمشهد الروائي المحلي ؟ وهل كثرة الإنتاج أنضجت مشروع الرواية السعودية؟ - التجريب حق مشروع للجميع والكتابة متاحة لمن أرادها، فلا أحد يملك الوصاية على الكتابة أو يقيمها من منطلق فوقي كما يفعل البعض إنما يترك الأمر للذائقة والتاريخ فهما الكفيلان في كشف الجيد من الرديء . وما دام الحديث عن الرواية فإنني أقيمها من منطلق إعطاء الفرصة للجميع للتجريب في هذا المشهد الروائي الذي لا يمكن لأي احد أن يزيفه أو يصنع منه أمثولة واهية إنما الرواية هذه الأيام يطالها الكثير من المحاولات المتجنية على نحو ما يفعله بعض النقاد في التربيت والطبطبة على أكتاف بعض الكتاب الصغار والصغيرات بغية صنع شيء من لا شيء. فلا يمكن لنا أن نجزم أن الرواية نضجت حتى الآن وتظل حالة من التنفيس والتعلق بالمشهد الذي بات يتواثب على وسائل الإعلام . ما تقييمك للرواية النسائية في المشهد المحلي؟ - لا يمكن لنا أن نبني أي حكم على أي تجربة إنسانية من منطق التصنيف الجنسي (ذكر أو أنثى) لاسيما حينما نستجلي حقيقة الإبداع ونقرض مشهد البوح الوجداني المأمول فيه أن يكون خارجاً عن العادي أو المكرور. وما ذكرته ينسحب على المشهد الروائي تماماً إذ لا يمكن لنا الفصل أو التقييم على هذا النحو التأصيلي للجنس الذي كتب هذه الراوية أو تلك .. إلا أننا حينما نتتبع منعرجات هذا الخطاب الإبداعي في الرواية يمكن أن نتلمس الحساسية المفرطة لدى الكاتبة حينما تتأجج العاطفة وتسود لغة الخاطرة والوجدانيات .أما إن أبدعت بغير تجشم للعناء العاطفي والسرد الوجداني فهي حرية بالوقوف في مشهد السرد المتزن .. ذلك الذي لا يقول أو يشير إلى هذا التصنيف فالتوازن مطلوب في رسم معالم التجربة من أجل أن تنتفي هذه الصيغ .