دقّ ناقوس الخطر من جديد بعد تقرير توقّع أن السعودية ستكون دولة مستوردة للنفط بعد أقل من 20 سنة، وبالتحديد في عام 2030. وذكر التقرير الذي نشرته سيتي جروب أن استمرار النمو في استهلاك الطاقة في السعودية سيزيد من استهلاكها لانتاجها من النفط، حيث يتم حاليا استهلاك ما يقرب من ربع إنتاج النفط داخل المملكة، ويتم تصدير الباقي للخارج. وانها ستستهلك كل إنتاجها النفطي في عام 2030. خطورة هذا التنبؤ تكمن في أننا ما زلنا نعتمد بشكل شبه كامل على صادراتنا النفطية لتسيير الاقتصاد، فغالب ما نستهلكه من دواء وغذاء وملبس ووسائل نقل وأجهزة إلكترونية نستوردها من الخارج بأموال النفط، حيث لا تتجاوز صادراتنا غير النفطية 30% من اجمالي قيمة وارداتنا. خطورة هذا التنبؤ تكمن في أننا ما زلنا نعتمد بشكل شبه كامل على صادراتنا النفطية لتسيير الاقتصاد، فغالب ما نستهلكه من دواء وغذاء وملبس ووسائل نقل وأجهزة إلكترونية نستوردها من الخارج بأموال النفط وهذا يعني أن 70% مما نستورده نحصل عليه مقابل إعطاء العالم نفطنا. فما الذي سيحدث إن لم يتبق لدينا نفط نصدره؟ الأمر الآخر أن المصدر الرئيسي للدخل الحكومي هو النفط. حيث يشكل دخل النفط أكثر من 86% من دخل الحكومة، فإذا لم نصدر النفط فما المصدر البديل لدخل الحكومة كي تتمكن من الإنفاق على الصحة والتعليم وغيرها من المرافق الحيوية؟ البعض قد يتهم التقرير ونتائجه بالمبالغة، ولكن الحقيقة الأكيدة أنه ما دام نمو الاستهلاك داخليا في تصاعد مستمر فستأتي لحظة نستهلك بها كل ما ننتجه من نفط، سواء كان ذلك بعد 18 سنة أو 30 سنة، فمن شبه المستحيل أن نتجنب سيناريو استهلاك كل انتاجنا النفطي على المدى البعيد، أقصى ما يمكن فعله هو تأخير هذا السيناريو بكبح الاستهلاك، وما دام تجنب هذا السيناريو مستحيلا فعلينا أن نعمل من أجل تجنب العواقب السلبية لتوقفنا عن تصدير النفط، فبدل أن نعتمد على بيع النفط مقابل ما نستهلكه من العالم من سلع وخدمات يجب أن نبدأ استراتيجية واضحة المعالم وبأهداف واضحة ومحددة تقلل من الفجوة بين صادراتنا غير النفطية ووارداتنا، حيث تتجاوز قيمة وارداتنا أكثر من 662 مليار ريال بينما لا تزيد قيمة الصادرات غير النفطية عن 200 مليار ريال. هذه الاستراتيجية ستحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها وحتى لا يسبقنا الزمن وتتآكل قدرتنا التصديرية قبل أن نتمكن من الانعتاق من اعتمادنا على تصدير النفط لاستيراد احتياجاتنا فيجب أن يتوازى العمل على الاستراتيجة مع قوانين وتشريعات تدفع إلى ترشيد استهلاك الطاقة غير الإنتاجي، حيث سيبطيء ذلك تسارع الاستهلاك ويعطينا فسحة من الزمن لتصحيح هيكل الاقتصاد.