اوضح الدكتور عبدالحافظ نعمان وزير التعليم الفني والتدريب اليمني أن المرحلة الانتقالية الراهنة في اليمن تحمل الكثير من اعباء الحقب السابقة كما يميز هذه المرحلة الطبيعة التشابكية لقوى المرحلة والتفاوت المريع لأدوار هذه القوى سواء كانت اقليمية أو دولية ... "اليوم" التقت الوزير لتطرح عليه العديد من المحاور من خلال الحوار التالي .. إن المرحلة الانتقالية في اليمن مرحلة صعبة تعترضها الكثير من العقبات وخصوصا وجود عناصر للقاعدة فيها أين أصبح اليمن في معركته مع القاعدة ؟ ** تحمل المرحلة الانتقالية الراهنة كثيراً من الأعباء لحقب سابقة كان الحديث عنها يدور ضمن دوائر مغلقة رغم اكتسابها مظاهر كارثية لامست كافة البنى المجتمعية، وهذا هو حال الدول الشمولية التي ينحصر مهام الإعلام فيها على ما يعظم من دور الحاكم، والذي غالبا ما يكون على حساب حقائق الواقع, غير أن ما يميز هذه المرحلة هو في الطبيعة التشابكية لقوى المرحلة والتفاوت المريع لأدوار هذه القوى سواءً كانت إقليمية أم دولية مما ينعكس سلبياً على الدور الأدائي للقوى الوطنية التي كما يبدو, بالرغم من كل ذلك, قد أخذت بالتقارب كثيراً من بعضها البعض في تحديد مفاهيم وطبيعة الأزمة التي يمر بها اليمن. فليس بخاف على أحد اليوم من أن الأدوار الرئيسية في صياغة المرحلة والحلول المستقدمة لتجاوز هذه العقبات إنما تأتي في معظمها من مصادر إقليمية ودولية لا تدرك الطبيعة المركبة للمجتمع اليمني ولا الخصوصية التي تميز الإشكالية اليمنية عن غيرها من الثورات التي تشهدها الساحات العربية، مما يفسر الى حد ما حالة المراوحة في المكان التي نشهدها الآن في أوساط القوى السياسية اليمنية. وبالرغم من المساعي الحميدة التي تبذلها هذه القوى بهدف الوصول باليمن الى بر الأمان, إلا أنها تبقى بعيدة عن حقيقة الأهداف التي يفترض أن تصبغ المسألة اليمنية في انتقالها إلى الطور الديمقراطي مع نهاية عام 2013م كما جاء في المبادرة الخليجية.. ولعل انتشار الحضور المقلق لعناصر القاعدة في محاولة مفضوحة لخلط الأوراق وإرباك العملية السياسية انما يأتي امتداداً لنهج ما زال يتشبث بأهداب حلم يفقد مشروعيته امام إرادات متجذرة في قناعاتها وإصرارها بضرورة خروج اليمن من عنق الزجاجة والانطلاق نحو حياة يتشارك فيها كافة الأطراف والقوى اليمنية بما فيها قوى النظام السابق نفسه وهذا بدوره كفيل بأن يحد من استمرار لعبة الإرباك التي تمارسها بقايا الجماعات الجهادية وأنصار الشريعة وغيرها من المسميات جراء الضربات المتواصلة من قبل قواتنا المسلحة واللجان الشعبية. في تصوري أن المرحلة الراهنة والناجمة عن ثورات الربيع العربي، إن جاز لنا تسميتها بذلك، لم تعد تقبل أنظمة الحكم الشمولي ولا تستسيغ حكم الفرد الديكتاتوري, وهي حالة تلعب فيها الثقافة الإنسانية ومؤثرات العولمة دوراً مفصلياً في إحلال ثقافة سياسية تنفتح على الاحتياجات الحقيقية للشعوب والإشراك الفاعل لقوى ومكونات المجتمعات البشرية. وهذا ما يرتب على القوى السياسية اليمنية مسئولية معالجة أوضاع البيت اليمني ضمن هذا المنظور الإنساني. لكن الاحداث الاخيرة برهنت ان الكثير من السياسات السابقة لم تشبع الحاجات الحقيقية للشعب اليمني وتطلعه الى بناء دولته المستقرة وتوفير قدر من العيش الكريم لأبنائه وتمكينه من التعبير عن ذلك بمعزل عن التدخلات الخارجية. وهذا ما يبرر قيام الثوره اليمنية لاستكمال تلك الحقوق المنتقصة والتي اضرت كثيراً بحياة المواطن اليمني وأمنه. ومن الطبيعي ان يكون لهذا الصراع امتداده الخارجي خاصة في ظل اوضاع تتسم بحيوية شعبوية ورغبة في الانعتاق من الأنظمة الديكتاتورية والشمولية. إثارة النعرات الجهوية هناك محاولات أثبتت أن هناك قوى متمثلة بالرئيس السابق وأقاربه لا تزال الحاكمة الفعلية في اليمن وأنها تعيق انتقال السلطة والنفوذ للرئيس الجديد ما مدى صحة هذه الأخبار وكيف ترون ذلك ؟ ** لا يمكن إنكار المساعي المحمومة التي تمارس من قبل الرئيس السابق والمحاولات التي تبذل من قبل بعض الجهات المؤيدة له سواءً تلك التي شهدناها مؤخراً في مجلس النواب والممثلة في التصريحات الكاذبة والمسيئة لبعض السذج من الناس بهدف المساس بشخصية الأخ محمد سالم باسندوة رئيس الوزراء والذي يجسد الى جانب الرئيس عبدربه منصور هادي, صمام أمان الوحدة الوطنية, كما تتجه هذه التصريحات المسيئة أيضا للنيل من شخص وزير المالية صخر الوجيه بهدف إثارة النعرات الجهوية التي تهدد وحدة اليمن والتي ليس لها من مبرر سوى إثارة النعرات واستحضار صور الماضي البغيض لدفع الوضع السياسي إلى مواجهات لا تخدم اليمن، كما أنها قامت وهذا أمر لا ينكره احد بتمويل وتسليح بعض القوى الخارجة عن القانون تحت مسميات مختلفة للعبث بأمن وسلامة البلد. ولعل ظاهرة تكرر قطع التيار الكهربائي عن العاصمة وضواحيها والاستهداف المستمر لتفجير انابيب النفط خير دليل على عبثية هذه المحاولات خاصة بعد أن ألقي القبض على بعض هذه العناصر, وتوصلت التحقيقات الى الكشف عن العناصر الحقيقية التي تقف وراء هذه الاعمال التخريبية. تطبيق المبادرة الخليجية أين أصبحت مرحلة تطبيق المبادرة الخليجية وهل هناك عوائق أمام الرئيس الجديد ؟ ** ثمة تلازم عضوي بين تطبيق المبادرة وقدرة الأخ رئيس الجمهورية على تجاوز هذه العوائق التي تحول دون تطبيق المبادرة. وما يمكن قوله في هذا الصدد هو أن هناك سعيا محموما نحو توفير مناخ ملائم لإقامة حوار وطني شامل يعالج كافة القضايا الإشكالية ذات البعد الوطني العام وهي قضايا تتنوع في المشهد اليمني ابتداء ببناء الدولة المدنية ودستورها وانتهاء بالمسألة الحوثية. في تصوري أن الإعداد الجيد للحوار والرغبة الصادقة لأطراف الحوار في التوصل إلى نتائج مثمرة وحلول شاملة وكاملة تعمل على تعزيز اللحمة الوطنية وتكريس مبدأ السيادة عبر مرجعياته الوطنية سوف تسهم إيجابا في إنجاح هذا الحوار. وهذا ما سيسهم في تذليل مهمة فخامة الأخ الرئيس لحمل اليمن إلى تخوم العصر الجديد. الحد من مشكلة الفقر ما هي الإستراتيجية التي تتبعها الحكومة للتخفيف من مشكلة الفقر من خلال التعليم الفني والتدريب المهني وهل للدول الخليجية دور أساسي للحد من هذه المشكلة ؟ ** مشكلة الفقر في اليمن من المظاهر شبه الدائمة في الأجندة الاقتصادية للحكومات السابقة والتي بقت دون معالجات حقيقية طوال الحكم السابق. مع الاختلاف في تنامي الكتلة البشرية. ثمة من يقول بان العدد الفعلي لسكان اليمن ربما يقارب الثلاثين مليون نسمة. وإن يكن الأمر, يمكن القول ان مشكلة الفقر في اليمن تندرج ضمن القضايا التي تتطلب جهدا حكوميا واسعا للرفع من المستوى المعيشي للإنسان اليمني. حكومة الوفاق الوطني ورثت خزينة فارغة ولم يعد لديها سوى ما يدره أنبوب النفط الذي يتعرض بدوره للتخريب المستمر من قبل قوى تعمل على عرقلة عمل الحكومة والمساعدة الممنوحة من الأشقاء ومن بعض الدول المانحة. وبالتالي فان مشكلة الفقر وطرق معالجتها تصبح من القضايا الرئيسية في استتباب الأمن والاستقرار في اليمن, لان استمرار هذه المشكلة بدون حلول ناجعة سوف يترتب عليه الكثير من التبعات, التي لن ينحصر أثرها على الجانب الاقتصادي فحسب بل سيمتد إلى كافة البنى المجتمعية للشعب اليمني. ولهذا السبب تتضافر الجهود الرسمية إلى جانب مساعي الدول الشقيقة في الخليج من اجل توفير قدر من المساعدات العينية تمهيدا لإجراءات لاحقة تهدف إلى معالجة هذه المشكلة ضمن منظور طويل الأمد ...