سادت حالة من الترقب والاستنفار امس في ساحات المسجد الأقصى المبارك، على إثر ورود معلومات باقتحام مجموعات له في ذكرى ما يُسمّى «خراب الهيكل» وادعت الشرطة الإسرائيلية أنها رفضت الأحد السماح لمستوطنين يهود بالدخول إلى باحة الحرم الاقصى بمناسبة حلول ذكرى ما يُسمّى «التاسع من اغسطس» حسب التقويم العبري. وحسب الزعم الإسرائيلي، فإن اليهود بهذه المناسبة يحيون ذكرى خراب هيكلهم الأول والثاني على يد البابليين والرومان على التوالي، ويعد ذلك اليوم يوم الصوم في السنة العبرية ويتم خلاله تلاوة شعائر الحداد والمرثيات وتغلق البنوك والبورصة ومكاتب بلدية الاحتلال في القدس. وكانت الإذاعة الإسرائيلية العامة تراجعت عن خبر نشرته صباحًا أن الشرطة ستسمح للمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الاقصى المبارك، وأنها ستعزز تواجدها في الحرم لحماية المستوطنين والتدخل في حال حدوث أي احتكاك مع المصلين المسلمين المعتكفين في الحرم خلال شهر رمضان المبارك. و أفادت مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات أن آلاف الإسرائيليين تواجدوا في ساحة البراق لتأدية بعض الطقوس، في الوقت الذي نظمت فيه مسيرة شارك فيها مئات المستوطنين وعدد من أعضاء الكنيست في محيط البلدة القديمة. وأوضحت المؤسسة أن هذه المسيرة التي نظمت بمناسبة ما يُسمى «ذكرى الخراب» تمت بحماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال وذلك منذ انطلاقها من غربي القدسالمحتلة وحتى أبواب البلدة القديمة، فيما جرت مواجهات محدودة بين شبان مقدسيين وقوات الاحتلال عند مرور المسيرة عند باب العامود. في الوقت ذاته، تشهد هذه الفترة تصعيدًا شديدًا ضد المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس وذلك في استفزازات مستمرة واضحة تتم خلالها محاولات مستمرة للدخول إلى الحرم بحماية أمنية وسط استنفار عسكري كبير، وسط دعوات من اليمين المتطرف بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل على أنقاضه. وأكدت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث في بيان لها أمس الأحد ان الرباط الباكر في المسجد الاقصى المبارك أحبط مخططات الجماعات اليهودية لاقتحام المسجد الاقصى، حيث رابط في المسجد الاقصى المئات من اهل الداخل وأهل القدس منذ صلاة الفجر وتوزعوا في انحاء المسجد الاقصى، وتعالت اصوات التكبير بين الفينة والأخرى. الى ذلك حيّت مؤسسة الاقصى كل المرابطين والمصلين من اهل القدس والداخل وطلاب العلم ومسيرة البيارق لإسهامهم في حفظ الاقصى وتواجدهم الباكر في الاقصى، كما حيّت المؤسسة دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بمسؤوليها وحراس الاقصى الذين كان لهم دور بارز في منع اقتحامه. وشهد المسجد الاقصى حالة من الاستنفار القصوى من المصلين من القدس، خاصة بلدتها القديمة، ومن داخل أراضي عام 48، الذين زحفوا نحو المسجد الأقصى منذ صلاة الفجر وآثروا البقاء في المسجد والانتشار في باحاته ومرافقه للتصدّي لأي محاولة اقتحام للمسجد من المتطرفين. في حين منعت شرطة الاحتلال المتمركزة على بوابات المسجد الأقصى الخارجية- دخول المستوطنين أو السياح الأجانب إلى المسجد الأقصى تحسبًا لأي احتكاك مع المصلين الذين يزداد عددهم تباعًا. وكانت قوة معززة من جنود وشرطة الاحتلال اقتحمت بعد منتصف الليلة الماضية المسجد الأقصى واعتدت على المعتكفين بداخله، وأجبرت شابين على الخروج منه. يُذكر أن منظمة نسائية متطرفة تطلق على نفسها ‹نساء بالأخضر› نظمت الليلة مسيرة شارك فيها مئات المستوطنين وعدد من أعضاء الكنيست، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال، انطلقت من غربي القدس وبمحاذاة أبواب البلدة القديمة في القدس، خاصة باب العامود والساهرة والأسباط، وانتهت عند باب المغاربة الخارجي، وتخللها اشتباكات محدودة بين قوات الاحتلال وشبان من القدس القديمة لدى مرور هذه المسيرة عند باب العامود. وقال شهود عيان ان العشرات من رجال الشرطة والقوات الخاصة الاسرائيلية قاموا باقتحام المسجد الاقصى واعتدوا على المعتكفين بداخله لإخراجهم منه بالقوة مما ادى الى وقوع اشتباكات بين المعتكفين والشرطة. واكد شهود عيان قيام قوات الاحتلال باعتقال شابين من القدس أثناء المواجهات. وأفادت «مؤسسة الاقصى» ان مئات المصلين يعتكفون الليلة في المسجد الاقصى، وذلك لليلة الثالثة على التوالي، وان دائرة الاوقاف الإسلامية تسهل وتوفر الاجواء لهذه الاعتكافات، علمًا ان الاحتلال الاسرائيلي يحاول منع او إعاقة مثل هذا الاعتكاف الليلي. بدوره قال أمين عام التجمع الوطني المسيحي، وعضو المجلس الثوري لحركة ‹فتح› ديمتري دلياني، إن ‹الإرهاب اليهودي الذي يمارس بحق شعبنا الفلسطيني، منذ الانطلاق العملي للحركة الصهيونية العالمية، يتمتع اليوم بحماية أمنية من قبل جيش الاحتلال وشرطته المدنية›. وأضاف دلياني في تصريح صحفي صدر عنه أمس الأحد، إن هذا ‹الإرهاب يدعم اقتصاديًا وسياسيًا على مستوى حكومي، بشكل غير مسبوق، لتكون الأرض الفلسطينية مرتعًا مريحًا لعصاباتهم، خاصة تلك المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمخططات حكومة الاحتلال التوسعية الاستيطانية في الضفة الغربية، بما فيها القدس العربية المحتلة›. وأكد دلياني أن الحماية الأمنية والدعم الاقتصادي والسياسي الذي توفره دولة الاحتلال لعصابات الإرهاب اليهودي، أدت إلى زيادة في العملية الإرهابية التي تقوم بها هذه العصابات ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، بنسبة 39% بين عامي 2010 و2011، ونسبة 315% بين عامي 2007 و2011، بحسب دراسة لصندوق القدس للتعليم والتطوير المجتمعي. وأضاف: إن عصابات الإرهاب اليهودي المرتبطة بجريمة الاستيطان الاستعماري والناشطة في الضفة الغربية، ترتكز في جذورها إلى مجموعات إرهابية تمّ تأسيسها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والتي هي بدورها ترتكز بجذورها لعصابات ‹إرهاب› يهودية تمّ تأسيسها لتكون أداة من أدوات الحركة الصهيونية العالمية، لإقامة دولة الاحتلال على أرض فلسطين مثل عصابات ‹الهاغانا› و›الأرغون› و›شتيرن›. وأشار دلياني إلى أن من هذه العصابات اليهودية الإرهابية المرتبطة بالاستيطان في الضفة الغربية تاريخيًا: مجموعات غوش ايمونيم الإرهابية التي تمّ تأسيسها عقب حرب أكتوبر 1973، ونفذت في عام 80 محاولات اغتيال لخمسة رؤساء بلديات، وعام 83 قامت بمجزرة الكلية الإسلامية في الخليل، حيث استشهد ثلاثة طلاب وأصيب واحد وثلاثون آخرون، ومحاولتها في عام 84 تفجير أربع حافلات نقل عام في القدس، كما كشفت التحقيقات لاحقًا وجود مخطط متطور لهذه العصابة لتفجير المسجد الأقصى المبارك. وتطرق دلياني إلى عصابات إرهابية يهودية أخرى نشطت في نفس الفترة، مثل عصابة ال ‹تي ان تي› وعصابة ‹الدرع الواقي›، وهو الاسم ذاته الذي اعتمدته حكومة الاحتلال في عدوانها الكبير على الضفة الغربية، وحصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات. وشدّد دلياني على أن ‹الإرهاب اليهودي المتنامي في نشاطه وقبوله داخل مجتمع دولة الاحتلال تجاوز في خطره أبناء شعبنا الفلسطيني، وبات سيفًا مسلطًا على رقاب السياسيين، والناشطين الإسرائيليين، ولعل اغتيال اسحق رابين يعتبر رمزًا للقدرة التنفيذية لهذه المجموعات، ودرسًا لكل مَن لا يتساوق مع أهدافها في المجتمع الإسرائيلي›.