تتجه المملكة الى تطبيق سياسة السماوات المفتوحة وهو ما يجذب اهتمام شركات الطيرن الكبرى في الخليج ويعزز الآمال في انتهاء حقبة تميّزت بتدني مستوى الخدمة وتكدس الرحلات الجوية. فلا تزال توجد بالمملكة واحدة من أصغر شبكات الخطوط الجوية في المنطقة بالنسبة لحجمها. والخياران الوحيدان للسفر جوًا داخل البلاد هما شركة الخطوط الجوية السعودية الناقلة الوطنية وطيران ناس الناقلة الخاصة الاقتصادية وكلاهما يواجه صعوبة في تلبية الطلب. وهذا يختلف بشدة مع الوضع في دول مجاورة مثل الامارات العربية المتحدة حيث توسّعت طيران الامارات والاتحاد للطيران على المستوى العالمي. وتخوض قطر أيضًا منافسة شرسة لجذب الطلب الخليجي من خلال ناقلتها الوطنية. وقالت الهيئة العامة للطيران المدني هذا الشهر ان 14 شركة تقدّمت بطلبات للحصول على رخص لتسيير رحلات طيران داخلية ودولية في المملكة. وأفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية أن سبعة من هذه الشركات تأهّلت وهي شركات مملوكة بالكامل لسعوديين أو لشركات خليجية أو اتحادات سعودية خليجية أو شركات سعودية صينية. ولم يكشف عن أسماء المتقدّمين لكن السلطات ستلتقي مع الشركات المتأهلة في أغسطس للحديث بشأن الخطط. ومعظم أولئك الراغبين في الحصول على رخصة يتطلعون الى تسيير رحلات منخفضة التكلفة في المملكة حيث تنمو سفريات الشركات وتزدهر السياحة الدينية. وقال جون ستيكلاند مدير شركة جيه.ال.اس للاستشارات ومقرها بريطانيا: «السعودية سوق كبيرة فيها مسافات هائلة تحتاج للتغطية، لا تزال تتحرّك بحذر لكنها بلا شك تتأمل ما يجري حولها في سوق الطيران الخليجية وتدرك أنه ليس من المنطقي أن تبقي إستراتيجيتها قاصرة على دعم الناقلة الوطنية فقط». وفي الوقت الراهن تستطيع الناقلات الاجنبية المرخصة تسيير رحلات من والى السعودية فقط وليس داخل المملكة. وأعلنت الرياض أنها ستسمح لناقلات جديدة بالعمل داخل المملكة وستمنح رخصًا لتسيير رحلات محلية ودولية. وقال جون ستيكلاند: «هناك عدة دوافع للتطلع الى هذه السوق من بينها حجم سفريات الشركات والزيارات الدينية. وبالرغم من كل هذه الحركة ليس في السوق استثمارات واسعة في مجال الطيران منخفض التكلفة». وقالت الخطوط الجوية القطرية انها تريد اطلاق شركة طيران جديدة مقرها السعودية وترغب في الاستثمار في قطاع الطيران الداخلي بالمملكة. وقالت مصادر قريبة من المحادثات ان معظم الطلبات جاءت من شركات سعودية محلية تسعى للفوز برخص للطيران. وأبدت شركات من البحرين المجاورة أيضًا اهتمامًا قويًا. وقال ريتشارد نوتال الرئيس التنفيذي لطيران البحرين الناقلة الاقتصادية التي مقرها المنامة لرويترز : «نحن لم نتقدّم بشكل مباشر للحصول على رخصة لكننا لا نستبعد العمل مع شركاء». وعلى المستوى الشعبي تلقى خطة السماوات المفتوحة ترحيبًا من المواطنين في المملكة. وقالت حسناء مختار وهي مسؤولة تنفيذية في شركة متعددة الجنسيات في جدة: «كعميلة أشعر بأنني محاصرة بخيارات سيئة طول الوقت. فتح السوق سيؤدي الى التركيز والتمايز وأسعار مخفضة وعروض لكسب رضا العملاء». وتكثر في المنتديات العامة السعودية بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت شكاوى من الاستبعاد من رحلات جوية لإفساح مكان لشخصيات مهمة والانتظار في طوابير لمدة ثماني ساعات للحصول على مقعد. وتقول مريم علوي ربة منزل سعودية ان معظم الطائرات المستخدمة في المملكة متهالكة وبها مقاعد مكسورة وأنظمة ترفيه لا تعمل. ويأمل السكان أن تحقق سياسة السماوات المفتوحة رحلات أرخص وخدمات أفضل ومزيدًا من فرص العمل. وقالت حسناء: «في الوقت الراهن اما أن تقبل بالموجود أو لا شيء على الاطلاق.. لكن حالما يشعرون بالضغط من شركات الطيران الاخرى التي تقدّم خدمة مميّزة وأسعارًا أرخص ورحلات أكثر انضباطًا في المواعيد سيعملون جاهدين حقًا للمحافظة على عملائهم». وتستثمر المملكة بكثافة في البنية التحتية للطيران لدعم خطط التوسّع في هذا القطاع بما في ذلك بناء مشروعات بعدة مليارات الدولارات لزيادة طاقة المطارات السعودية ومنها مطار الرياض. واستخدم أكثر من 54 مليون مسافر مطارات السعودية السبعة والعشرين العام الماضي بحسب بيانات من الهيئة العامة للطيران المدني بزيادة 6ر13 بالمائة عن عام 2010. وقد بلغ عدد المسافرين الذين يستخدمون مطار العاصمة المصمم أصلًا لاستيعاب تسعة ملايين مسافر سنويًا نحو 15 مليونًا. وتخطط المملكة أيضًا لمشروع بتكلفة 27 مليار ريال في مدينة جدة ستموله من خلال سندات اسلامية لرفع طاقة مطار المدينة الى 30 مليون مسافر سنويًا. وتمضي الرياض قدمًا في عدة إصلاحات اقتصادية اذ أقرت هذا الشهر قانون التمويل العقاري الذي طال انتظاره والذي من المتوقع أن ينشط السوق العقارية. وتبحث المملكة أيضًا فتح سوق الأسهم للاستثمارات المباشرة من قبل المؤسسات الاجنبية. وأكملت السلطات معظم الاستعدادات الفنية لهذه الخطوة التي ستجعل الشركات السعودية بما فيها أي شركات طيران محلية مدرجة خاضعة لمزيد من الانضباط. غير أن البعض ينظر بتشكّك الى تطوّر سوق الطيران السعودية لشعورهم بأن هناك حاجة لمزيد من الإصلاحات لتهيئة مناخ عادل لكل المستثمرين.