تدخل المدن الاقتصادية في إطار الفكر الاستراتيجي التنموي الذي يفتح أبواب الاستثمار لتنويع مصادر الدخل واستيعاب الطاقات الانتاجية للأجيال، ولذلك فإنها ذات طبيعةٍ تنموية عميقة في الميزان الاستراتيجي للاقتصاد الوطني، وتأتي تلك المدن في صدارة مشروعات المستقبل وتغذية الاقتصاد بروافد دينامية قوية لحدوث نشاط فاعل في منظومة البناء والعطاء. ومن بين تلك المدن تبرز مدينة جازان الاقتصادية التي تعتبر إحدى أهم المدن الاقتصادية التي بدأت المملكة ببنائها على مدى عشرين عامًا بتكلفة استثمارية تزيد على 100 مليار ريال، وقد دشّنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في نوفمبر 2006م. ويتم إنشاء مدينة جازان الاقتصادية على شاطئ البحر الأحمر وعلى بُعد 60 كم من مدينة جازان، وتقع على مساحة تقدَّر ب 103 كم مربعة، ولها ساحل بطول 11.5 كم. ومما لا شك فيه أن قرب مدينة جازان الاقتصادية من المطار الدولي الجديد الذي يقع على بُعد 60 كلم جنوبًا سيزيد من سهولة الوصول إليها والتواصل معها، بالإضافة إلى الطريق الجديد المقترح الذي يمتد شرقًا وكذلك خط السكك الحديدية المخطط لإقامته لربط المدينة الاقتصادية مع مدينة جدة. وفي وقت وجيز، جذبت المدينة استثمارات عالمية ومحلية تتركّز في الصناعات البترولية ومجمع للحديد والصلب وفي مجالات البُنى التحتية والخدمات المساندة بقيمة استثمارية تصل إلى 50 مليار ريال، مما سيسهم في توفير 500 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. ومن أهم عناصر الجذب الرئيسية للمستثمرين من جميع أنحاء العالم أن مدينة جازان الاقتصادية تتمتع بموقع إستراتيجي مطل على أهم المسارات البحرية العالمية، وأيضًا أنها توفر أسعارًا تنافسية للطاقة تمنحها ميزة خاصة للجذب بفضل وجود مصفاة شركة أرامكو السعودية ذات القدرة التكريرية تصل إلى 400 ألف برميل يوميًا، ووجود ميناء صناعي متكامل متعدد الاستخدامات تم تصميمه بأحدث التقنيات العالمية وتزويده بأفضل المعدات. وتم تخصيص ثلثي مساحة المدينة الاقتصادية لتطوير المنطقة الصناعية المتقدّمة، وتمّ تجهيزها بإحداث تجهيزات الشبكات اللازمة لمشروعات الصناعات الثقيلة بصفة خاصة، بالإضافة إلى الصناعات الثانوية (المعالجة). وتشكّل مدينة جازان الاقتصادية محطة من أهم المحطات الرئيسية على شواطئ البحر الأحمر، حيث تتمتع بموقع إستراتيجي بالقرب من الأسواق المحلية والعالمية، وهو الأمر الذي يوفر فرصًا متميّزة لإقامة علاقات تجارية بين آسيا وأفريقيا فضلًا عن توفير فرص استثمارية وتسهيلات الملاحة والشحن البحري. توفر المدينة المتوقعة بيئة متميّزة للصناعات الأساسية وعمليات تبادل التقنيات والتجارة وفرص التوظيف والتعليم والتدريب والإسكان ومجال عريض من الأنشطة الاقتصادية الاجتماعية، وبها محطة لتوليد الطاقة تتكوّن من محطة الطاقة الرئيسية ومحطة تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى مكمّلات المحطة مثل منشآت تخزين الوقود ومحطة توليد الكهرباء الفرعية، بالإضافة الى صناعة صهر الألمنيوم. وتشمل الصناعات الثانوية بالمدينة معالجة السيليكون التي تعتبر من الأنشطة المثالية نظرًا لتوافر السيليكون بغزارة في المنطقة فضلًا عن أهميته كعنصر أساسي في تكنولوجيا المستقبل. ونظرًا لطلبات السوق التي تصل إلى ما يقرب من 1.200.000 طن في السنة ومعدل النمو المتوقع بزيادة تصل إلى 5 بالمائة كل سنة، والى جانب ذلك هناك أيضًا صناعة المستحضرات الطبية التي تعتبر من الصناعات الناهضة والتي تعتمد بشكل أساسي على صناعة البترول وسيتم تحسين هذه الصناعة في المستقبل من خلال تطوير ما يُعرف باسم الدوائيات الغذائية ومنتجات الأغذية الصحية التي يتم الحصول عليها من المواد الزراعية في المنطقة مما يتيح إمكانية تطبيق تقنياتٍ جديدة وتوفير سوق مزدهر في المنطقة والمناطق المحيطة بها.