لاشك أن الحالة الاقتصادية للدول تعد من أهم المقاييس التي تعكس أداء الحكومات والمؤسسات التابعة لها، والمقياس الغالب في معادلة النمو الاقتصادي تظهرها نسب النمو ومستويات البطالة والتي ترتفع مع تدهور النمو الحقيقي للاقتصاد وتكون في الغالب نتاجاً لسوء التخطيط وقصر النظر لدى الحكومات في الدول المتأخرة اقتصاديا وتنمويا بالرغم من أن توفر الأيدي العاملة يعد أحد أهم أسباب النهضة والتطور لأي أمة عندما توجد الإدارة الفاعلة لهذه الموارد «البشرية» التي يمكن لها أن تتفوق في أحيانٍ كثيرة على قوة الموارد الطبيعية «الناضبة» ، وقد يتحول اهمال أو سوء ادارة القوى العاملة في الدول الى فوضى ومشاكل يتسبب بها الفقر وسوء الحالة الاقتصادية. ولنأخذ من السودان مثالا حيث تظهر معالم قصور في التخطيط على المستوى الاقتصادي والتنموي بعيدا عن الاعتماد على تصدير النفط الخام بالرغم من الامكانيات الكبيرة التي يمتلكها السودان من ارضٍ خصبة ومياه وقوى عاملة، فعندما انفصل الجنوب عن الشمال خسر السودان ثلاثة ارباع موارده المالية التي كان يحصل عليها من بيع النفط المتدفق من الآبار الجنوبية. نحتاج الى آليات تمكن المملكة من تنويع مصادر دخلها بعيدا عن الاعتماد على تصدير النفط الخام، فالمملكة بمواردها البشرية والمالية الحالية بالإضافة إلى فرص النمو التي تمتلكها في قطاعات شتى في اقتصادها «الناشئ» يمكنها من تقليل الاعتماد على النفط بشكل أسرع عبر تطوير البنية التحتية. وذلك ادى إلى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي مما ادى إلى هبوط في قيمة العملة السودانية «الجنيه» وزاد من التضخم إلى حوالي30% سنويا وذلك يتجاوز نسب نمو الاقتصاد الذي سيعاني من تباطؤ أكبر نتيجة عدم وجود استراتيجية لتنمية مستدامة بعيدة عن الموارد الطبيعية الناضبة، والمملكة للأسف مازالت تعتمد على النفط في بناء ميزانيتها حيث مازال يشكل نسبا عالية جدا من تركيبة الموازنة العامة للدولة، لذلك نحتاج الى آليات تمكن المملكة من تنويع مصادر دخلها بعيدا عن الاعتماد على تصدير النفط الخام، فالمملكة بمواردها البشرية والمالية الحالية بالإضافة إلى فرص النمو التي تمتلكها في قطاعات شتى في اقتصادها «الناشئ» يمكنها من تقليل الاعتماد على النفط بشكل أسرع عبر تطوير البنية التحتية وزيادة عدد المشاريع الصناعية والإنشائية. وذلك يقودنا إلى السؤال عن المدن الصناعية التي عقدنا عليها الآمال قبل سنوات لكنها مازال بعضها مدنا على الورق ومحاطة ب «الشبوك» على أرض الواقع، ولكن اكتمال إنشاء المدن الصناعية يجب ألا يسبق تفعيل دور الجامعات في تشجيع الاختراع والابتكار الذي يمكن أن يزيد من جودة وقيمة وتنافسية المنتج السعودي في السوق المحلي والعالمي، ودور الجامعات يجب ألا يقتصر على الاختراع والابتكار وإنما يبدأ بتأهيل كوادر متميزة تستطيع أن تكون لنا قاعدة من الفنيين والحرفيين الذين يمكن لهم أن يضيفوا للناتج القومي كما يفعل شباب سابك وارامكو وغيرها من الشركات الوطنية الرائدة .