أكثر من نصف الاندية الأدبية في المملكة عانت مؤخرا من عزوف الكثير من المثقفين عن حضور اجتماعات الجمعيات العمومية للأندية الأدبية حيث بدا الأمر ملفتا ومشكلا لظاهره تدعو إلى التساؤل إذن ماذا يعني حضور خمسة أعضاء في بعض العموميات؟! وهل العزوف يعني فقدان الثقة في مجالس إدارات الأندية المنتخبة أم أنه لا يزيد عن كونه راجعاً إلى خلافات ذات طابع شحصي؟ هذا ما سوف نتطرّق إليه في الاستطلاع التالي.. بطاقة العضوية يتحدث القاص محمد منصور الشقحاء: في نظري لم يفقد المثقفون الثقة في المجالس القائمة فهم من انتخبوها وشاركوا في دعمها ولكن يخيل لي (وهو انطباع خاص ) ان الدعوة لعقد الجمعية العمومية واكبها الكثير من الأخطاء لأن اللائحة ترى أن عقد الجمعية يكون بعد سنة من اختيار المجلس لمناقشة ما تم من أنشطة وفعاليات ويمكن للجمعية العمومية مناقشة المجلس في النشاط ولكن ما جرى لا يحقق هذه الهدف وغير مرتبط بمواد اللائحة. ويضيف الشقحاء: أعتقد أن الإشكالية في أن مجالس الإدارة منحت بطاقة العضوية لأشخاص لا يعرفون مقر النادي وليس لهم هم ولا حراك ثقافي وبالتالي عندما طلب منهم الحضور وجدوا أنهم لا يستطيعون ولا تعنيهم المشاركة. الكثير من أعضاء الجمعيات يجب أن لا يحسبوا على المثقفين فقد سجلوا في الجمعية لأهداف غير ثقافية وليس لهم خط ثقافي واضح وكثير منهم أكاديميون أكثر من كونهم مثقفين.الشعور بالانتماء الشاعرة هدى الدغفق نبّهت إلى أن الجمعيات تعقد أحياناً في أوقات الإجازات الرسمية حيث يميل الكثيرون إلى السفر، كما أنها قد تعقد في أوقات اختبارات المدراس كما حدث في الآونة الأخيرة، وكلّ هذا يؤثر على الحضور فالمثقف لديه مسؤوليات. إلا أنها لم تنف وجود الاعتراضات على بعض الأسماء التي فازت في الانتخابات، وأضافت أن الكثير من أعضاء الجمعيات يجب أن لا يحسبوا على المثقفين فقد سجلوا في الجمعية لأهداف غير ثقافية وليس لها خط ثقافي واضح وكثير منهم أكاديميين أكثر من كونهم مثقفين. ولفتت إلى أن ممارسة العملية الديموقراطية لا زالت بحاجة إلى تمهيد وإلى التواصل الجيد عبر وسائل الاتصال الحديثة مع أعضاء الجمعية . نتائج الانتخابات الناقد محمد بودي يظن (كما يقول) ان العزوف تعبير عن رفضهم لما آلت إليه نتائج الانتخابات هم يعتقدون بأن هناك من فاز بعضوية المجالس لم ينتخب من قبلهم بل من صوّت لهم وأنجحهم هو التصويت الإلكتروني وبالتالي هذه المجالس من وجهة نظرهم لاتمثلهم . و ماحدث أنه استخدمت أجهزة التصويت الإلكتروني وهذا انتهاك للائحة حيث تنص المادة22 من لائحة الأندية الأدبية أن التصويت في الجمعيات العمومية يكون علنيا ( أي بالأيدي المرفوعة ) وليس سريا .. والتصويت الإلكتروني هو اقتراع سري أي أن هناك مخالفة وسيعاد نفس سيناريو الانتخابات فما سيصوتون ضده من قرارات في الجمعية العمومية وستعود المشكلة إلى مربعها الأول فلماذا الاصرار على مخالفة اللائحة وهل هناك رغبة في أن تكون قرارات الجمعيات العمومية مغايرة لإرادة أعضاء الجمعيات العمومية؟. طبق زائد الشاعر محمد الحمادي يري كما يقول إن المثقفين فقدوا الثقة بكل الأندية الأدبية وليس بمجالسها وأصبحت الأندية مجرد طبق زائد على المائدة لا فائدة منه بالنسبة لي قراءة كتاب في بيتي أفضل من حضور موسم كامل من الفعاليات التي تقيمها الأندية ويرى الحمادي اننا نحتاج إلى أفكار جديدة وأنماط مختلفة بعيداً عن النسخ المكررة للأمسيات والندوات ، ويتابع : عموماً الإحجام عن الجمعيات طبيعي جداً لحالة الإحباط العامة ولا جديد في ذلك . باختصار ، احضروا وجوهاً جديدة في الأندية الأدبية وجوه شبابية لديها طاقة وأفكار جديدة امنحوا هؤلاء فرصة بدلاً من البيروقراطية البائسة. تكرار الدعوة وقال الروائي والتشكيلي احمد المغلوث لا أعتقد أن المثقفين فقدوا الثقة بمجالس الأندية الأدبية لكن عادة لكل مثقف ظروفه والتزاماته التي قد تتعارض مع موعد انعقاد الجمعية العمومية وبالتالي يقل عادة الحضور وليست الأندية الأدبية التي تعاني من هذه الظاهره فالكثير من الجمعيات ذات النفع العام وحتى مجالس الإدارات تشكو من عدم حضور بعض الأعضاء.. ومع هذا لا يمنع من تكرار الدعوة واختيار موعد مناسبا أو الاكتفاء بنسبة معقولة من الحضور واعتماد التوكيل في حالة تعذر البعض لظروفهم . حالة إحباط ويقول العضو السابق في نادي جازان الأدبي مهدي حكمي: حين أعلنت لائحة الانتخابات وتشكل جمعيات عمومية للأندية الأدبية كان الظن أن هذه الجمعيات تسير وقف خطط مدروسة ولائحة منظمة ابتداءا بشروط العضوية وانتهاء بحقوق العضو ولكن الذي تبين ان الجهة المشرفة على اللائحة قد غرقت في اللائحة وعدلت فيها بما لا يتوافق مع منزلة المثقفين ومستوى الأدباء مما جعلهم يزهدون في حضور أي اجتماع للجمعية العمومية. ويضيف الحكمي: ان مجالس الإدارة المنتخبة قطعت علاقاتها مع الجمعية العمومية منذ تسلمها مناصبها في الأندية من خلال تهميش دور الجمعية العمومية التي تنص اللائحة على إنها شريكة مع المجلس في وضع سياسة الأندية ورقابتها ثمةحالة إحباط من تفاعل إدارة الأندية ومجالس الإدارة مع هموم المثقفين وسياسة التهميش . خريف بارد ويرى القاص فاضل عمران ان هناك اسبابا لهذا الفتور أولها وهو الأهم ان الأدبية تمر بفترة خريف بارد ، إذ لم يعد تفاعلها مع مبدعي المناطق بالمستوى الذي كان قبل سنوات، كانت الأصوات تنادي بانتخاب أعضاء النادي، إلا ان محصلة هذه الانتخابات كانت دون المأمول مما صرف مرتادي النادي لمشارب أخرى . ويؤكد عمران: من جانب آخر غلب التواصل الرقمي على الفيزيائي، واندمجت حياتنا بالمواقع الاجتماعية وبرامج التواصل السريع التي غلفتنا في علبة صغيرة ووفرت لنا ما نريد قبل ان نطلبه، تبهرنا بالمثير يوميا ولم تتمكن الأندية الأدبية - وكثير من المنشآت الاخرى- من مجاراة النمو المتسارع واذا استمرت الهوة في الاتساع فسترحل هذه المنشآت للتراث الشعبي. , من ناحية أخرى لا ننكر قلة الوعي عموما لثقافة الانتخاب بمجتمعنا سواء لدى الناخب أو المرشح.