أكد مدير مركز المعلومات بمجلس الغرف السعودية محمد عبدالرحمن العجيمي تزايد الوعي العام السعودي بأهمية العمل من المنزل، مشيرا إلى أن نحو 20 ألف سيدة سعودية يمارسن العمل من المنزل في مجالات وأنشطة اقتصادية مختلفة، ورغم انتشار هذا النوع من العمل بين أفراد المجتمع، إلا أنه ما زال يمارس في المملكة بشكل غير منظم. وأوضح العجيمي أن مجلس الغرف وفي إطار اهتمامه بتنمية ثقافة العمل الخاص وتبني البرامج التنموية والاجتماعية التي تخدم أفراد المجتمع السعودي بوجه خاص والاقتصاد الوطني بوجه عام تبنى منذ سنوات مشروع العمل من المنزل بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية بغية تقنين هذا النمط من أنماط العمل وتنظيمه ومنح تراخيص نظامية لمزاولته، مؤكدا أنه قطع في ذلك شوطا كبيرا. وقال في حوار له مع «اليوم»: إن المشروع سيتيح للمواطنين ممارسة العمل في المجالات التجارية والخدمية من المنزل بطريقة عصرية ونظامية، تتناسب مع تقاليد الدين الإسلامي الحنيف، والعادات الاجتماعية السائدة، وتستفيد من الدروس والعبر التي بينتها التجارب الدولية في هذا المجال. ما المفاهيم والحقائق المرتبطة بالعمل من المنزل؟ - لم يأت تزايد التوجه نحو العمل من المنزل وتشجيعه من فراغ، وإنما ارتبط بمجموعة من المفاهيم والحقائق، ومن أهم هذه المفاهيم والحقائق أن العمل من المنزل قد يختلف من حيث مفهومه، حيث يوجد نوعان للعمل من المنزل وهما العمل الحر من المنزل أو ما يسمى بالاستثمار من المنزل Home Business، العمل عن بعد في المنزل. وهنا يتم التركيز فقط على النوع الأول وهو الاستثمار من المنزل، وذلك لأنه يمثل مدخلاً مهماً للتوظيف بعيداً عن التوظيف التقليدي في القطاعين الحكومي والخاص، ولأهميته الاقتصادية، ولدوره في علاج كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية حيث تنفق المرأة العاملة خارج المنزل في المتوسط نحو 40 بالمائة من دخلها على المواصلات ومظهرها، فضلا عن تكاليف استئجار المحلات وتأثيثها وهي تكاليف سيتم الاستغناء عنها في حالة عمل المرأة من المنزل. ومع الإقرار بحق المرأة في العمل خارج المنزل، إلا أن الأرقام تشير إلى أن التي تعمل في المنزل توفر نحو 30 بالمائة من التكاليف التي تتحملها الأسرة، وخاصة تكاليف الإنفاق على الطعام والشراب، وتحقق في المتوسط 70 بالمائة من الدخل الذي تحققه في حالة العمل خارج المنزل. هل هناك تجارب عالمية في هذا المجال؟ - نعم، هناك كثير من الحقائق والمؤشرات التي تدل على أن هناك توجها عالميا متزايدا للعمل من المنزل حيث يقدر عدد الذين يعملون من منازلهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية بنحو 60 مليون شخص، منهم 46 مليونا من النساء فقط، وهناك أكثر من 2.5 مليون من الأعمال التجارية المنزلية في المملكة المتحدة من أصل 4.7 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة الحجم في عام 2007م، وبزيادة قدرها 16 بالمائة عن بداية عام 2006م، ويقع العدد الأكبر من الأعمال في لندن وشرق انجلترا، والجنوب الشرقي، كما أن 80 بالمائة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إيطاليا تدار من المنزل. كما تشير بيانات الأممالمتحدة عن القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في المنزل إلى أن النساء في المجتمعات الصناعية يساهمن بنحو 25 40 بالمائة من منتجات الدخل القومي بأعمالهن في المنزل، وفي هذا المجال يشار إلى أن هناك 3 ملايين طفل في الولاياتالمتحدةالأمريكية يتلقون تعليمهم في المنزل على يد الأسرة وخاصة الأم ، مع الإشارة إلى أن العمل في المنزل يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في عملية خصخصة التعليم في كثير من بلدان العالم. ما أهم الأنشطة التي يمكن للمرأة مزاولتها بالمنزل؟ - يمكن للمرأة أن تزاول عدة أنشطة من منزلها غير مقتصرة على الطبخ وصنع الحلويات بل يمكنها القيام بالتجميل والأعمال الفنية وتصميم الأزياء والتصوير والإخراج والجرافيك كذلك المحاسبة والتسويق وتنظيم المناسبات والمؤتمرات تصميم وانتاج المطبوعات تصاميم وفنون الديكور تصميم مواقع الإنترنت، بيع الملابس الجاهزة بيع مستلزمات التجميل والعطور والبخور وتجارة الكمبيوتر وتقديم الاستشارات الإدارية والاقتصادية وغيرها من الأنشطة التي يمكن للمرأة مزاولتها. ومع التقدم التكنولوجي وعصر المعرفة التكنولوجية انتشرت الصناعات الرقمية المنزلية الصغيرة من خلال بيع البضائع على الإنترنت. وكيف يسهم العمل من المنزل في تحقيق نتائج إيجابية؟ - توفير الحافز لتحويل كثير من الأسر إلى أسر منتجة وتوسيع دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني وإعطاء فرصة أكبر للابتكار في العمل في ظل الشعور بالأمان والراحة البدنية ومساعدة المرأة على قضاء وقت أطول مع الأسرة ورعاية شئونها بشكل أفضل، ويساعد في تحسين مستوى المعيشة والدخل للأسرة. كما يساعد هذا العمل في توفير فرص عمل تناسب الظروف المختلفة لكثير من النساء والشباب الذين لا يناسبهم العمل والدوام التقليدي في القطاعين الحكومي والخاص. في حين أن العمل من المنزل يعطي فرصا واسعة لمشاركة أصحاب الاحتياجات الخاصة من النساء والرجال بشكل أكثر فاعلية في سوق العمل وفي النشاط الاقتصادي للمجتمع ويسهم في تقليل حدة كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها مشكلة البطالة، مشكلة ارتفاع معدلات الإعالة، مشكلة الزحام في المرور، مشكلة الهجرة من الريف للمدن، مشكلة تزايد الضغط على شبكة المرافق العامة، توفير بعض السلع والخدمات بأسعار منخفضة. قدم مجلس الغرف السعودية مؤخرا مشروع ترخيص العمل من المنزل.. حدثنا أكثر عن فكرة المشروع. - على ضوء إدراك المجلس لحاجة المملكة إلى العمل بنظام ترخيص العمل من المنزل ، وبعد النظر للوضع الحالي للمملكة وحاجة المجتمع لهذا النمط الجديد من الأعمال المعاصرة التي تناسب عادات وتقاليد أفراد المجتمع السعودي، وبعد دراسة بعض التجارب في مجال ترخيص العمل من المنزل تبنى المجلس المشروع في هذا المجال، وقام بمناقشته مع العديد من الجهات الحكومية المعنية ومنها وزارة الشئون البلدية والقروية (وعدد من الأمانات التابعة لها) وزارة الشئون الاجتماعية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة العمل، البنك السعودي للتسليف والادخار، حيث تتمحور فكرة المشروع في إصدار تراخيص للمواطنين لممارسة الأنشطة التجارية الصغيرة من المنزل، وخاصة للمرأة السعودية، التي قد لا تسمح ظروفها الاجتماعية بخروجها للعمل خارج المنزل. ماذا عن أهدافه؟ - الهدف العام لمشروع العمل من المنزل يتمثل في تنظيم ودعم عمل المرأة من المنزل، كما يسعى وفقا لرؤية استراتيجية للحد من نسبة البطالة واستغلال الطاقات المهدرة وتحويلها إلى طاقات منتجة وتفعيل دور الأسر المنتجة في رفع الاقتصاد المحلي ورفع مستوى معيشة الفرد والأسرة، إضافة إلى إيجاد بيئة عمل مناسبة من الناحية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية واتاحة فرص أكبر لمشاركة المرأة السعودية في التنمية الاقتصادية. كما يهدف لإيجاد نظام مؤسسي لممارسة الأنشطة التجارية والخدمية المختلفة من المنزل وزيادة مشاركة المواطن السعودي في العملية الإنتاجية والتنموية، وإيجاد فرص عمل ملائمة للظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين وتحسين المستوى المعيشي والاقتصادي للأسرة. إضافة لتنمية القدرات الذاتية والإبداعية لدى المواطن السعودي والمساهمة في تخفيض تكاليف إنشاء المشاريع الاستثمارية الصغيرة، والمساهمة في تغيير بعض الممارسات في المجتمع السعودي لتحويله من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع منتج وإشغال أوقات الأسر بما ينفعهم في حياتهم العملية. ولانغفل عن حماية المستهلك من الناحية الصحية وضمان حقوقه عندما يتعامل مع من يعملون من المنزل، وذلك من خلال وجود رقابة نظامية على هذا النمط من العمل، كما أن هذا المشروع من شأنه أن يسهم للمرخص له في الاستفادة من برامج الدعم المالي والقروض التي تقدمها مؤسسات التمويل في المملكة . هل هناك فئة مستهدفة لهذا المشروع؟ وهل توجد شروط للحصول على الترخيص؟ - يستهدف المشروع الفتاة السعودية بالدرجة الأولى والمواطن السعودي من ذوي الدخول المحدودة، كما يستهدف الأرامل و المطلقات وأسر السجناء والشباب السعودي من أصحاب المبادرات الجديدة. أما بالنسبة للشروط فهناك شروط عامة للحصول على الترخيص وهي ألا يقل عمر طالب الترخيص عن 18 سنة، وأن يكون الترخيص لنشاط واحد فقط من ضمن قائمة الأنشطة المسموح بها والمحددة بالبرنامج وعلى الشخص المرخص له ممارسة العمل بنفسه ومساعدة الأسرة. كذلك ألا يكون لطالب الترخيص أي نشاط استثماري آخر، وألا يتسبب المشروع في إحداث أي أضرار بالصحة العامة أو البيئة أو التسبب في الضوضاء أو الإزعاج للحي. ويجب على طالب الترخيص الحصول على ما يثبت أنه مؤهل لممارسة بعض الأعمال الفنية (كصيانة الأجهزة الكهربائية) كما أن هناك شروطا خاصة للنساء وأخرى للرجال في حالة طلب الحصول على الترخيص. هذه بعض الشروط المقترحة، ولحد علمي أن بعض الجهات المعنية مثل وزارة الشئون البلدية والقروية ووزارة العمل تعكفان حاليا على دراسة هذه الشروط بشيء من التفصيل إلى جانب دراسة بعض التنظيمات الأخرى المتعلقة بهذا المشروع. ما الفوائد المتوقعة من المشروع؟ - كما أسلفت في حديثي أن هناك فوائد جمة لهذا النوع من النشاط الواعد، فهناك الفوائد التي تعود على صاحب الترخيص، ومنها إتاحة الفرصة لصاحب الترخيص لممارسة العمل الاستثماري من المنزل بشكل نظامي وزيادة دخله، والاستفادة من برامج الدعم المادي والمعنوي المقدمة من الجهات المعنية الداعمة للمشاريع الصغيرة. وهناك فوائد تعود على المجتمع والاقتصاد من حيث المساهمة في الحد من انتشار ظاهرة البطالة والفقر بين أفراد المجتمع السعودي، وتنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الناتج المحلي، والحد من العمالة الوافدة وتعميق مفهوم العمل الحر لدى المواطنين. ما هي جهود المجلس لتفعيل المشروع؟ - منذ بلورة مشروع ترخيص العمل من المنزل يبذل مجلس الغرف جهوداً كبيرة لإخراج هذا المشروع للنور وتطبيقه، وفي هذا السياق قام المجلس بالتواصل والتنسيق مع العديد من الجهات المعنية، حيث تمت دراسة المشروع من كافة جوانبه وأبعاده التنظيمية، وتحديد دور كل جهة من هذه الجهات لتفعيله، وقد أعد المجلس تصورا كاملا لهذا المشروع درس ونوقش مع تلك الجهات. ويأمل المجلس أن يتم الانتهاء قريباً من إعداد الإطار التنظيمي والقانوني لمشروع ترخيص العمل من المنزل ليتم تطبيقه ليسهم في توسيع فرص العمل أمام المواطنين، وزيادة مساهماتهم في مسيرة التنمية وتنويع مصادر الدخل. لذلك فإن مجلس الغرف السعودية يدعو القطاعين الحكومي والخاص للتعاون في هذا المجال، وطرح الأفكار واقتراح الآليات العملية لإنجاح هذا المشروع المهم، الذي يحقق العديد من الفوائد للمجتمع وللاقتصاد الوطني. ومتى سيطبق مشروع الترخيص؟ - ليس هناك وقت محدد لتطبيق المشروع، ولكن هناك اهتماما كبيرا من قبل قياديي الجهات الحكومية المعنية لاستصدار قرار التطبيق في أسرع وقت. وهل هناك عقوبة لمن يعمل دون ترخيص؟ وهل هو اجباري؟ - اعتقد أن اللوائح المحكمة لهذا العمل والتي ستصدر من الجهات المعنية ستحدد ما إذا كانت هناك عقوبة لمن يعمل دون أخذ الترخيص، وكذلك تحديد ما إذاكان العمل اجباريا أم لا.
المشروع يوفر فرصا استثمارية ووظيفية مهمة للمرأة. (اليوم)