كشفت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع مصر ، أن هناك فعلاً أصابع وأطرافا خارجية يهمها تدهور العلاقات بين البلدين، لتحقيق أجندتها الشخصية، وضرب العمق العربي في مقتل، خاصة بين أكبر قوتين مؤثرتين حالياً على الساحة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط. وإذا كانت المملكة اضطرت للقيام بخطوة سحب السفير للتشاور، وإغلاق سفارتها وقنصلياتها، رداً على الأعمال العدائية الواضحة، من قبل قلة أقل ما توصف بأنها «مأجورة» كما قال المصريون أنفسهم، إلا أننا نثق في أن ما حدث سيزول، لأنه «عارض صحي» سيتجاوزه البلدان بحكمة العقلاء فيهما، لأن البلدين أكبر من كل هذه الصغائر، ونحن في المملكة بالذات، كثيراً ما نتجاوز عن بعض التصرفات التي يمارسها السفهاء مهما كانوا وأينما كانوا. صحيح أن الحكومة المصرية اعتذرت في ثوب «أسف» بعد تأخير غير مقبول، وصحيح أن المشير طنطاوي بادر بالاتصال بالقائد عبد الله بن عبد العزيز، لاحتواء الأزمة، لكن لا يجب أن يكون التعامل مع الأمر بمنطق «حب الخشوم» خاصة أن ما حدث أثار مشاعر الدهشة والغضب لدينا، عندما نرى سفارتنا وقنصلياتنا تحاصر، ويرمي عليها التافهون الفارغ من القول والبذيء من الكلام. ومع كل ما حدث، لم أستغرب من ردود الأفعال المصرية الناضجة، لدى غالبية المصريين، الذين أؤكد أنهم شاركونا الغضب، بل وثاروا عندما رأوا ما حدث، والدليل كل هذه التعقيبات التي تؤكد حرصها على المملكة وعدم قبول المساس بها بأي سوء، لكننا ونحن نقدر ذلك نتفق تماماً مع ما قاله المستشار القانوني للسفارة السعودية بالقاهرة الذي اتهم الخارجية المصرية، وبعض وسائل الإعلام هناك بتأجيج الموقف، على خلفية قضية مواطنهم الجيزاوي، الذي أكد السفير المصري نفسه في الرياض، محمود عوف، أن الجيزاوي اعترف وأقر بما نسب إليه، وصدق على الرواية السعودية، ولهذا تعرض الرجل الخلوق للمتاعب من قبل ذات الأقلام المأجورة لقوله شهادة حق، وقد كانوا يريدونه شاهد زور.! المجلس العسكري المصري نفسه أكد أنه «منذ بداية الثورة حرص العديد من الأقلام المأجورة على محاولة إيقاع الفتنة بين مصر والسعودية، مستغلة الحالة الثورية للشارع المصري في أعقاب 25 يناير، عن طريق بث الشائعات أن المملكة تضغط على مصر لصالح النظام السابق، وعندما لم تُؤت ثمارها بدأ العزف على أوتار اضطهاد المملكة المصريين وسجنهم بدون دليل أو تحقيق، ما ساعد في تأجيج المشاعر لدى الشعب المصري». هذه هي اللعبة القذرة التي يمارسها البعض، وللأسف انساقت وراءها قلة مصرية كسعودي أثق في أنها لن تنجح في تمزيق أواصر استراتيجية وعلاقات تاريخية بين بلدين أكد التاريخ أنهما ملء السمع والبصر، وهما جناحا أي عمل عربي في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. أقول لأشقائنا المصريين: إننا هنا على هذه الأرض، نقدر ما تمرون به، وندرك أيضاً لعبة الاحتواء التي تتعرضون لها، ومع ذلك فإن عتبنا عليكم كبير جداً، وهذا من حقنا، ونأمل في أن تكونوا كما عهدناكم حصنا ودرعا لنا جميعاً، ولا تكونوا ألعوبة في يد هذا أو ذاك.